د٠ق٠ استيفن سعيد إبراهيم يكتب : ميلاد المحبة والسلام والفرح

جاء السيد المسيح إلى العالم ليفدي البشرية ويعيد لها الحياة من جديد والتي انقطعت بسبب سقوط الإنسان في الخطية. إن ميلاد المسيح أعلن للبشرية كلها عن رجاء جديد به يستطيع الإنسان أن يقترب إلى الله مرة أخرى. إن مشهد ميلاد الرب يسوع المسيح كان مشهدًا مثيرًا وغريبًا جدًا! فقد وُلد المسيح والأمة اليهودية ترزح تحت نير الإمبراطورية الرومانية، ليس ذلك فقط بل إن الشعب ابعتد عن الله في علاقته الروحية. كان الشعب ينتظر مجيء المسيا الذي سيحررهم من العبودية القاسية للإمبراطورية الرومانية. إلا أن المسيح وُلدَ لا ليحرر الشعب من عبودية ونير الرومان ولا لكي يملُك مُلكًا ارضيًا على الناس كما كانت الناس تتوقع وتنتظر، ولكن وُلدَ المسيح ليعطي للناس حياة بل حياةً افضل. وُلد في مذود متواضع وليس في قصر كبير أو عظيم، وهو بذلك يعلن انه جاء للعالم ليخدم لا ليُخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين. وُلد في اتضاعٍ كبير! وفي مولده أعلن الملاك للرعاة الذين كانوا يحرسون غنمهم في الصحراء قائلًا “لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ؛ “الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ”. إنجيل البشير لوقا الإصحاح الثاني والآيات من 10 – 14.

ليس ذلك فقط، بل إن المسيح عاش حياة في غاية البساطة فهو الذي قال عن نفسه “… وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ” إنجيل البشير متى الإصحاح الثامن والآية عشرين. بالرغم من بساطة الحياة واتضاع الولادة، إلا إن المسيح علَّم كما لم يُعلِّم أحد في التاريخ؛ فهو الذي قال: “لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. إنجيل البشير متى الإصحاح الخامس والآية تسعة وثلاثين. بل إنه زاد على ذلك في قوله: “سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ، وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ” إنجيل البشير متى الإصحاح الخامس والآيات ثلاثة واربعين واربعة واربعين. إلا إن تعليم المسيح لم تكن فقط كلام ولكنها كانت حياة. فهو الوحيد الذي عَمِل وعلَّم … فقد عاش ما قاله وعَلَّم ما عاش به. لم تقتصر حياة المسيح على التعليم فقط، ولكنه جال يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم ابليس، فأبرأ الأبرص، وفتح أعين العُمي وشفى المشلولين والعُرج وفتح اذان الصم وألسنة البُكم بل وأقام الموتي أيضًا! إن مولد المسيح، اعلن للبشرية جمعاء عن النور الذي يضيء في ظلمة هذا العالم، فقد كان هو النور الحقيقي. بميلاد المسيح ومجيئه للعالم منح، السلام للإنسان – السلام مع الخالق والسلام مع النفس والسلام مع الآخرين. بميلاد السيد المسيح، يعُم الفرح والسرور قلب وفؤاد الإنسان. بميلاده جسَّد السيد المسيح المحبة الحقيقية التي لا تبغي هدف او غرض بل هي محبة بلا شروط، محبة تُعطي وتبذل وتسامح وتغفر للقريب والبعيد ولا تنتظر أي مقابل. بميلاد المسيح فُتح الباب للبشرية أن تستعيد إنسانيتها؛ فالقيم والمبادئ التي دهستها طبيعة الإنسان الساقطة الفاسدة، والقلب المظلم والسلوك الوضيع الذي ينتهجه الإنسان في علاقته بنفسه وبالآخرين من القتل والسرقة والطمع والخبث والمكر والحسد والغيرة والبغضة والرغبة في الإنتقام، والحياة في الملذات العالمية والشهوات الجنسية … إلخ، نجد له الحل والمخرج؛ فقد منح مولد السيد المسيح رجاءً بالحرية والعتق الأكيد لكل شخص مذلول ومقيد بالخطية. وُلد الرب يسوع المسيح … ليمنح للعالم خلاصًا ورجاءً وفرحًا وسلامًا ومحبة.

د. ق. استيفن سعيد ابراهيم
راعي كنيسة الإيمان الإنجيلية بميدان فيكتوريا – شبرا
رئيس مجمع كنائس الإيمان الإنجيلي بمصر
القاهرة في 27 ديسمبر 2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار