أ.د حماد عبد الله يكتب ..الهوية الثقافية المصرية

 

أعظم ما تملكه مصر ، هى هويتها الثقافية ، هى القوة الناعمة فى مصر التى تتميز بها إقليمياً ودولياً ، وهى منذ ألاف السنين وفى حقبات زمنية متأخرة جداً تعدت السبع ألاف عام وأن كان هذا الرقم (جزافى) فقبل هذه الأعوام والقرون كانت مصر ، متصدرة الكوكب بما فيها من حضارات متعدده ، متراكمة فوق بعضها فالفرعونية سبقتها عصور ما قبل الأسرات ، ولعل متحفنا المصرى القديم يحتضن من هذه العصور السحيقة ما يدل على تحضر الشعب الذى كان يعيش على أرض مصر فى هذا الزمن.
والهوية المصرية ، هى التى حركت شعب مصر عقب إستيلاء جماعة منظمة وصمت بالأرهاب على مقاليد الأمور فى الدولة عام 2012 وحتى يونيو 2013 حينما أحس شعب مصر بضياع الهوية الثقافية المصرية.
ولقد إستطاع هذا الشعب العظيم أن يستدعى قواتة المسلحة لكى يعيد لها مصر ، إلى تاريخها وإلى ماضيها ويبنى معاً مستقبلها محافظاً على هويته المصرية المتفردة فى كوكبنا.
واليوم أتحدث عن خطر أخر يهدد الهوية الثقافية المصرية والتى أخشى أن تندثر أو تخبو ، حيث تعددت وتنوعت مصادر الثقافة المتراكمة لدى أبناء شعب مصر من الأجيال الحالية وذلك نتيجة تعدد المدارس والمذاهب وعدم الإشراف العلمى الوطنى على تلك المراكز التى يعتمد عليها كمنبع لاجيال قادمة تحمل من الثقافة ما تلقنه لها تلك المدارس – والفاحص لمخرجات تلك المدارس من الشباب ، سنجد منها ماهو يحمل الثقافة الانجليزية ، وأخر يحمل ثقافة (فرنسية) وذاك يحمل ثقافة (ألمانية) وأغلبية تحمل الثقافة الأمريكية.
وللأسف كل من أراد أن يضع علي مؤسسته التعليمية علماً أجنبياً – وعلماً وثقافة مستوردة أتيحت له القوانين المنظمة للتعليم فى مصر أن يفعلها ويفخر بها – فهذه المدارس الأمريكية وتلك الانجليزية – وغيرهم ، ويتبارى المصريون ويتزاحمون ، ويتوسطون لإدخال أبنائهم تلك المدارس ، متباهين بذلك وسط أقرانهم ، بل الأكثر من ذلك أن تلك المدارس يقوم على التدريس فيها أجانب مستوردون أيضاً من (نيوزلاندا) ، ومن غير الدول المحمول رايتها أو أعلامها أو حتى جنسية أسمها و منشئها !
وكل ذلك يدخل تحت مظلة حرية التعليم !! وترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب ، وأنتقل بعض رجال الأعمال من سوق (العجول إلى سوق العقول) فكله مكسب ، ولا شئ يهم سوى كم حققت المؤسسة أو الشركة من أرباح صافية – بعد تظلمهم من خضوعهم للضرائب التى فرضت أخيراً عليهم ، كمثل خلق الله فى مصر المحروسة ، ولعل من الجدير بالذكر – أن أشراف وزارة التربية والتعليم على تلك المدارس – هو إشراف وهمى !!
حيث المناهج كلها مطبوعة فى الخارج ، وحيث نسب المقررات المفروضة من الجانب الوزارى المصرى – كلها يمكن التهاون فيها – داخل المدرسة !! وعلى أسوارها !!
وعليه فأن الناتج الإجمالى من شباب مصر ، فى هذه الحقبات من أجيال سوف تتحمل مسئولية إدارة هذا البلد ، فى كثير من المجالات كلها ذات ثقافات أجنبية لاتحمل أى عبق لتاريخ أو جغرافيا أو وطنية مصرية وأشجانها (للأسف الشديد)!!
ومن الغريب أيضاً فى بلدنا – أن سوق العمل الحالى مع رجال أعمال العصر الذهبى ، يفضلون خريجى هذه المدارس ومن المستحسن أن يكونوا قد إستكملوا تعليمهم العالى فى الجامعة الأمريكية أو الجامعة البريطانية أو الألمانية ، أو الفرنسية أى أصبحت مصر – مركزاً لثقافات دول أجنبية ولم يحدث ذلك فى أعتى عهود الظلام فى مصر – أيام الإحتلال الفرنسى 1798 أو فى الإحتلال الإنجليزى 1882 ، لم يحدث أن خربت الثقافة المصرية – وأنحصرت كيفما يحدث اليوم ، ولا عزاء للمصريين فى ثقافتهم المهدورة ولا عزاء للحكومة المتهاونة فى حق مستقبل هذا الوطن !!
مطلوب عودة الروح كما حدث يوم 3 يوليو 2013

أ.د حماد عبد الله حماد
عميد كلية الفنون التطبيقية الأسبق
hammad_acdc@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار