مدحت الزاهد يكتب لـ السلطة الرابعة : الكلب والبرغوث
فى عملياتها الاجرامية تتبع التنظيمات الارهابية واذرعتها المسلحة ما تسمى باستراتيجية الكلب والبرغوث، ولا اعرف من اطلق التسمية ولكن ايمن الظواهرى الذى خلف اسامة بن لادن فى امارة تنظيم القاعدة هو اكثر من افاض فى شرح معالمها .
ووفقا لها فإن البرغوث لا يملك هزيمة الكلب فى مواجهة حاسمة ، ولكنه يمكن ان يسنزف قواه ويمتص دمه قطرة قطرة ويباغته بلسعات فى اماكن متفرقة من جسده ثم الهرب الى مكان اخر .. وهى تعتمد على الاستخدام المحدود المتواتر للقوة بالاعتماد على عنصر المباغتة والهجوم على المناطق الضعيفة وذلك لتحقيق اهدافها فى هزيمة الاعداء.
وهى استراتيجية تتيح اطالة امد ونطاق حروب الارهاب وبالتالى لا يجوز نشر الاوهام عن حسم كامل نهائى سريع لمثل هذه المواجهات وهو امر يتعلق بطبيعة المواجهة.
وقد اقتبست التيارات الجهادية التكفيرية هذا التكتيك عن ادبيات حرب العصابات عند ماو وهوشى منه وجيفارا والجنرال جياب، عن حرب التحرير الشعبية طويلة المدى، والتى انطلقت –خلافا لتيارات التكفير- من مبدأ اخلاقى ودعم شعبى فى مواجهة الاحتلال الاستعمارى و اعتمدت مبدأ اضرب وأهرب والاستفادة من رشاقة عمل مجموعات صغيرة لا تبنى لنقسها مواقع ثايتة بل مراكز متحركة بإستمرار ، وهو تكتيك يصعب عمل الجيوش النظامية، كونه لا يجعل للمواجهة مسرح عمليات محدد، كما يصعب فرص تحديد اتجاه رئيسى للضربات ومجال محدد لحسم الاشتباك، بسبب الانتشار الواسع، وتنويع الضربات.
و لا تلجأ هذه الاستراتيجية الى التكوينات النظامية والمناطق المحررة الا فى مراحل متطورة من الحرب وعشية النصر .. لكن التيارات التكفيرية حولتها من حرب تحرير شعبية ضد الاحتلال الى حرب عصابات ارهابية ضد الطاغوت و الكفار، وهى لا توجه بنادقها الى العدو الاستعمارى، بل تصب عمليا لصالحه بخلق حروب استنزاف بالداخل تحت رايات الجهاد .. وتعطى لدولة الخلافة الاولوية على قضايا الديمقراطية وحروب التحرير.. ويلزم لحسم هذه المعارك استراتيجيات وتكتيكات ومستويات من التدريب تختلف عن المطلوب للحرب النظامية سواء من حيث حشد القوات والمناورة والاسلحة الثقيلة والتخطيط والاستطلاع .. كما يلزم لها دعم السكان وهو شرط حاسم للنصر ، وهو ضرورى لحرمان الارهاب من تجديد قواه سواء بسبب انتشار الفكر التكفيرى فى محيط المواجهة او فى المجتمع باسره او بسبب ما تسفر عنه المواجهة من اضرار للسكان اذا لم تعتمد على الضربات الرشيدة ولم تنتبه الى خطورة العقاب الجماعى ، والتشكك فى السكان وحرمانهم من حقوق اصيلة بزعم وجود طابور خامس ولم تنتبه ايضا الى ضرورة الاستمرار فى المشروعات التنموية الممكنة. واذا توفرت مثل هذه الشروط ينكشف هدف الارهابيين وهزال مشروعهم كمشروع مأزوم وفى النهاية مهزوم لذلك حديث اخر .