عبد الغنى الحايس يكتب.. التجربة الحزبية الاولى (١)

تعتبر الأحزاب السياسية وسيلة من وسائل التنمية السياسية ،وأحد آليات المشاركة في الحياة السياسية و أداة وسيطة بين الشعب و السلطة . ومن أدوات التداول السلمى للسلطة وتدعيم ممارسة الديمقراطية .
وتختلف نشأة الأحزاب فى كل دولة عن الأخرى يحكم نشأتها، وان كانوا اتفقوا فى بعض النقاط ،فالاحزاب تختلف عن جماعات الضغط فهى تمتلك الكوادر والظهير الشعبى المؤمن بافكارها وايدلوجياتها وبرامجها وهدفها الاسمى الوصول للحكم، ولكننا هنا سنتحدث عن نشأة التجربة الحزبية فى مصر .
يعتبر محمد على صانع مصر الحديثة فأرسل البعثات الى أوربا لينهل من سبل نهضتها ،وكان لرفاعة الطهطاوى دور بارز فى نقل تلك الإنجازات النهضوية الى مصر .مما نشأ دافع للتفكير فى العمل الحزبى . فانعكاس احوال الدولة على كل الأصعدة وتطورها كان احد عوالم النشاة .
أدى تأسيس مجلس شورى النواب 1866 برغم دوره الاستشارى وزيادة النفوذ الأجنبى وتدخلاته السافره فى مصر الى التفكير فى تشكيل الأحزاب السياسية.
وتعود بداية التنظيمات السياسية في مصر الي الجمعيات السرية من نهاية الستينيات من القرن التاسع عشر ، مثل الجمعيات السرية في الأزهر،و بعض الجمعيات الماسونية، وجمعية مصر الفتاة التى تأثرت بأفكار جمال الدين الافغاني والإمام محمد عبده لوجود بعض المتعلمين بها .
و أعلن عن قيام الحزب الوطني الأول الذي عرف باسم حزب الفلاحين عام 1879 م وهدفه مقاومة النفوذ الأجنبى وانقاذ مصر من الإفلاس وبعض الاصلاحات وتزعم الحزب محمد حليم باشا سياسيا ،والزعيم احمد عرابى ، ووقع على برنامج الحزب وقتها شيخ الإسلام وبطريرك الأقباط وحاخام اليهود ولكن بعد هزيمة العرابيين ونفى احمد عرابى واحتلال مصر 1882 تدخل المحتل الإنجليزى مع الخديوى توفيق للقضاء على تلك التجربة .
ويعتبر عام 1907 من الأعوام المهمة في نشأة الأحزاب وتطور الحياة السياسية فى مصر فقد شهد هذا العام مولد عدد من الأحزاب لعبت دور مهم فى الحياة المصرية حتي ثورة 1919 وكان يطلق عليه عام الأحزاب ومن اهمهم .
حزب الأمة أعلن عن تأسيسة يوم 20 سبتمبر 1907 هو أول حزب سياسي بالمعني الحديث حيث قامت مجموعة من الأعيان وكبار الملاك بإصدار صحيفة الجريدة في 9 مارس 1907 والتي تولي رئاسة تحريرها أحمد لطفي السيد، ثم قام حسن باشا عبدالرازق بتحويل شركة الجريدة الى حزب الامة .
كان يطلق عليه حزب الصفوة الاجتماعية لان اعضائة جميعا من الأثرياء ، وقد ضم عددا من الشخصيات التي كان لها دورمهم في الحركة الوطنية فيما بعد مثل حسن عبدالرازق رئيس الحزب وأحمد لطفي السيد سكرتيره العام وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وغيرهم.وقد تولى زعامته بعد ذلك احمد لطفى السيد وكان الحزب متعاونا مع الانجليز وكان يرى ان سلطة الاحتلال قائمة ويجب العمل على نهضة مصر وتثقيف الشعب حتى تقوى شوكة المصريين للمقاومة .
الحزب الوطني اعاد مصطفى كامل تأسيسة ليصبح اكبر الأحزاب واهمها و أعلن عنه في 22 اكتوبر 1907 برئاستة وكان مدعوما فى بداية الامر من الخديوى عباس حلمى وعندما فترت العلاقة أيد الخديوى الشيخ على لتأسيس حزبة وقد خلف مصطفى كامل فى الحزب بعد وفاته محمد فريد في 14 فبراير 1908 . وكانت قضية الاستقلال وجلاء الانجليز عن مصر والسودان هي أهم اهتماماته ورفض الوصاية وتحسين احوال مصر من تعليم وصحة وزراعة وخلافة وقد لعب الحزب دورا رئيسي في قيادة النضال الوطني حتي ثورة 1919.
حزب الاصلاح علي المبادئ الدستورية أسسه الشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد،وكان مؤيدا من الخديوى ،وحول الجريدة الى حزب ، وقد سعي في برنامجه الي الدفاع عن الخديوي مدافعا عن مصالحة ومعبرا عن اراء القصر في مواجهة حزب الأمة والحزب الوطني ، ولم يحظ بتأييد جماهيري وانتهي بوفاة الشيخ على عام 1911 .
وقد شهد عام 1907 قيام عدد من الأحزاب الصغيرة محدودة التأثير فكان هناك الحزب المصري الحر الذي كان مؤيدا من الانجليز الا انه لم يحظ بنفوذ أو تأثير كبير في الحياة السياسية المصرية .
و حزب النبلاء الذي كان يطلق عليه حزب الأعيان تأسس عام 1908 و سعي للدفاع عن الدولة العثمانية وسلطة الخديوي.
الحزب الوطنى الحر والذى سمى بعد ذلك بحزب الأحرار وهو حزب موالى للانجليز ، حزب العمال 1909 وهو حزب اشتراكى .
وكذلك الحزب الدستوري الذي كان مؤيدا لكل من سلطة الخديوي والانجليز . وهذه الأحزاب لم يكن لها تأثير يعتد به . وتعتبر تلك هى التجربة الاولى للحياة الحزبية فى مصر .
نستكمل فى المقال القادم ………