محمد بيومى يكتب: ١٨و١٩ يناير ١٩٧٧.. «انتفاضة الخبز»
أحداث هامة شهدتها مصر يومي ١٨و١٩ يناير ١٩٧٧، عندما أطلق عليها السادات انتفاضة الحرامية، وأطلق عليها المصريون انتفاضة الخبز، وبدأت الأحداث عمليا يوم ١٧ يناير ١٩٧٧، عندما أعلن الدكتور عبد المنعم القيسوني، نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية، في بيان أمام مجلس الشعب، بخصوص مشروع الميزانية لذلك العام، حيث أعلن فيه إجراءات تقشفية لتخفيض العجز وربط ذلك كشرط ضروري للاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وأعلن عن زيادة سعر رغيف العيش والشاي والسكر والأرز والزيت والبنزين والسجاير واللحوم، وتراوحت الزيادة من ٢٥٪ إلى٥٠٪، ولم تكن هذه القرارت متسقة على الإطلاق مع حديث السادات المتكرر عن الرخاء القادم، بعد تبنيه سياسة الانفتاح الاقتصادي.
كانت القرارت تمس المواطنين بشكل واسع وفي صباح يوم ١٨ يناير بدأت المظاهرات من منطقة حلوان وتحديدا من شركة مصر حلوان للغزل والنسيج ومصانع الغزل والنسيج بشبرا الخيمة وعمال شركة الترسانة البحرية في منطقة المكس بالإسكندرية، وانضمت للمظاهرات الجامعات والموظفين، وامتدت لعدد من المحافظات ورددت المظاهرات شعارات منددة بقرار رفع الأسعار منها
ياساكنين في قصور «الفقرا» عايشين في قبور.. وياحاكمنا في عابدين فين الحق وفين الدين.. وسيد مرعي ياسيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنية.. عبد الناصر ياما قال خلوا بالكوا من العمال. وعديد من الشعارات الأخرى.
وحدثت بعض مظاهر العنف منها حرق أقسام الشرطة في الأزبكية والسيدة زينب والدرب الأحمر وإمبابه والساحل وبعض الملاهي الليلية، وأصبح الوضع خطيرا وخارج عن السيطرة وخرجت طبعات إضافية من الصحف العاشرة صباحا تتحدث عن الخطه الكاملة لحرق القاهرة عن طريق تنظيم شيوعي، وألقى القبض على عدد كبير من القيادات اليسارية واضطر السادات أن يعلن يوم ١٩ يناير في نشرة أخبار الساعه الثانية والنصف ظهرا إلغاء القرارات الاقتصادية برفع الأسعار وإعلان حالة الطوارئ وحظر التجول من السادسة مساء حتى السادسة صباحا.
وتقرر انتشار الجيش للحفاظ على الأمن في محاولة للسيطرة على الوضع وتسربت أنباء على أن قيادة الجيش اشترطت للنزول للشارع عدم الاعتداء بأى شكل على المواطنين شارك في الأحداث مئات الآلاف وكانت استفتاء على نظام السادات ولم يشفع له الانتصار في أكتوبر ١٩٧٣ ولم يسعفه تحالفه مع الإخوان والجماعات الإسلامية، وأثبت الشعب المصري أنه قادر وقائد ويستطيع أن يغضب ويتحدى
وظلت القضية متداولة أمام القضاء حتى صدر الحكم وسجل القضاء المصري بحروف من نور حكما تاريخيا ببراءة كل المتهمين، وقال القاضي العظيم حكيم منير صليب في حكمه: «الذي لاشك فيه وتؤمن به المحكمة ويطمئن لها ضميرها ووجدانها، أن الأحداث الأجسام التي وقعت يومي ١٨و١٩ يناير ١٩٧٧ كان سببها المباشر والوحيد هو إصدار القرارت الاقتصادية برفع الأسعار ولايمكن في مجال العقل والمنطق، أن ترد هذه الأحداث إلى سبب آخر فقد صدرت القرارات على حين غرة وعلى غير توقع من أحد وفوجئ بها الناس جميعا، بما فيهم رجال الأمن فكيف يمكن في حكم العقل أن يستطيع أحد أن يتنبأ بها ثم يضع خطة لاستغلالها ثم ينزل الشارع محرضا ومهيجا ثم في نهاية الحيثيات أصدر قراره بالأفراج عن المتهمين.