مدحت الزاهد يكتب.. قراءة فى دروس يونيو اغلاق المجال العام على مبدا الولاء وهيمنة الأجهزة الامنية ومصادرة الحق فى التنوع فتحت الطريق للهزيمة
بالنسبة لمن يتطلعون الى التقدم والتغيير لا تزال ٥ يونيو مناسبة للنقد واكتشاف ضعفنا ، لا يعفينا منها الحديث عن المؤامرة ، استنادا لان عبد الناصر وتجربته ومواقف مصر فى العداء للاستعمار ودعم كتلة التحرر الوطنى وضعتها فى بؤرة الاستهداف، وهذا حقيقى، لكن المؤامرات تنجح بالاعتماد على ضعفنا . قوى الهيمنة على مر العصور تهاجم اهدافها فى كل مكان بالتركيز على عناصر ضعفها ، وعندما تقرر تصفية عناصر قوة العدو، فمن البديهى ان تضرب مراكز ضعفه او اعتمادا عليها، وبالتالى تصبح القراءة النقدية للضعف، اى لعيوبنا هى الفريضة الاولى بالتدبر، باكثر من الحديث عن المؤامرات ، وهى موجودة، لكنها ليست من صنعك وما بيدك هو سد الثغرات وقطع الطريق عليها بمداوة عيوبك. والقصد هنا هو ان كل ما كشفته الهزيمة وادت اليه تداعياتها كان نتيجة لهيمنة الاجهزة الامنية المدارة بمبدا الولاء للحاكم دون حضور مجال سياسى وطنى ضابط، حر ومفتوح، ينقد ويحاسب ويلفظ مبدا الولاء واهل الثقة الذى يستبعد حتى العناصر الكفؤة من ادارة الاجهزة، وهى بنت معادلة ادار فيها المجال الامنى الموالى كل المجالات ، مع تغييب حق التنظيم المستقل والتنوع والتعددية حتى لمن امنوا باهداف ثورة يوليو ومنحوا ثقتهم لعبد الناصر.
الدرس الاهم ان الشعب الحر الواعى٦ المنظم هو القادر على حماية مكاسبه وليس الاجهزة ولا مراكز القوى .والدرس الاهم ان نظرية اهل الثقة على حساب اهل الخبرة تفتح الباب للانتهازية وتقطع الطريق على القيادة الاحترافية الوطنية المخلصة. كما ان انحراف الاجهزة الامنية السيادية عن رسالتها يوارب الباب للهزيمة. والازمات لا يمكن ان تدار على طريقة برقبتى يا ريس على نحو ما طمن المشير عامر، عبد الناصر عندما ساله عن استعداد الجيش للحرب، وكان اقدار الامم يمكن ان ترتهن برقبة المشير الذى لم يثبت جدارة فى امر تولاه ، لا فى قيادة الجيش ولا ايام الوحدة والانفصال. و الدرس ايضا ان الجيش وقيادته ينبغى ان تتفرغ لمهمتها الاساسية فى تطوير قدراتها ورفع جاهزيتها لحماية الوطن ولا يجوز منح نظام حكم او حاكم التاييد بشيك على بياض ولا يجوز مقايضة الحرية وحق التنظيم المستقل باى مكاسب وطنية او اجتماعية وبالحق فى التعددية والتنوع فهى مصدرا للثراء ، وكلها عناصر قوة يمكن الجمع بينها وكان يمكن لقيادات مخلصة كفؤة على حساب مبدا الولاء ولتنظيمات شعبية مستقلة ان تقطع الطريق على هذا المصير، او تخفف من اثاره على اقل تقدير. وكان هناك من قادة الجيش من يحذرون من تصعيد الازمة والدخول فى حرب لم تتحقق جاهزيتها
مصر بروحها عبرت اليوم الاسود بوقفة الشعب فى ٩ و١٠ يونيو برفض الهزيمة وبرفض تنحى عبد الناصر وتكليفه بمواصلة المواجهة واعادة تنظيم الدولة وهو ما اطلق شرارة حرب الاستنزاف التى فتحت طريق مشاركة خضب فيها الجنود بالدم حبات رمال سيناء فى اشتباكات مكنت الكفاءات من القيادة وترافق معها انطلاق الحركات الشعبية التى رفعت مطالب الحريات الديمقراطية وحرب التحرير واقتصاد الحرب والانتفاضات التى تفجرت رفضا للهزيمة. لكن اثار الهزيمة لم تنتهى ودروسها الاهم لا تزال فى حاجة الى قراءة والتاريخ لا يزال مفتوحا والقراءة مستمرة اتابعها فى مقالات لاحقة.