د / أحمد حسين يكتب .. الحوار الوطني والبُنى الحزبية كمرتكز للإصلاح السياسي مُتطلبات وجود وفاعلية
إذا نظرنا إلي الأحزب السياسية الحقيقية فإننا نجد أنفسنا أمام أدوار وبني مؤسسية حقيقية تقود المجتمع للنهوض به على مستوى الحاضر والمستقبل والوجود القادر الفاعل بين الأمم، بُنى بناء ومستقبل على كافة المستويات، إدارة سياسية للدولة تتطور وتواكب أصعب التحديات وتحقق النجاح وغيابها تهديد للحاضر وتغييب للمستقبل، وهذا الوجود والحضور الفاعل القادر يسأل عنه الجميع ولا يجده لأنه لا يتأتى إلا فى وجود بيئة مجتمعية وسياسية تؤمن بالقبول بالنسبية، والاعتراف المتكافئ بالآخر، وتُرسخ التعامل الديمقراطى مع القوى المتعددة بالمجتمع ، والعلنية والتلاقى عند أهداف سامية ومشتركة على أساس التعامل السلمى بما يحقق الأهداف الوطنية، ويعزز ذلك بِنْية مجتمعية وثقافية تؤمن بذلك، وبِنْية دستورية وقانونية تؤسس له وتحققه على مستوى الحركة والفعل والحياة السياسية ، وهو للأسف على مدار عقود ليس موجود إلاعلى مستوى الشكل لا المضمون، ناهيك عن النظرة الضيقة والسطحية للعمل الحزبى، وضعف الموارد وقلة الإمكانات…وبالتالى ففى ظل هذه الحالة من غياب البيئة المناسبة لعمل الأحزاب غابت الأحزاب عن الحضور والتواجد على مدار العقود الماضية وفى ظل الراهن وهو النتاج الطبيعى والمتسق مع الواقع غابت البيئة التى تدعم وجود الأحزاب؛ فغابت الأحزاب وخسر المجتمع وبِنْية الدولة.
وعليه فإنه يجب علينا وفي ظل الحوار الوطني الدائر والذي أفرز وجوده وبنى تحققه أن مرتكز عمله ومنطلقات تحققه هو الأحزاب السياسية الحقيقية لا المصنوعة وهذا ما يدعونا إلى أن تكون مفردات هذا الحوار وأحد مراكزاته الرئيسية التأسيس لحياة حزبية حقييقية قادرة على العمل وفاعلة في تحقيق أهدافها وهذا يتطلب اصلاح حقيقي للبيئة المجتمعية والسياسية والتشريعية وهو ما يجب أن يكون أهم مرتكزات الحوار الوطني التأسيس لوجود الأحزاب كقيمة مؤسسية وكبنية عمل رئيسية لادارة الشأن العام وفق القدرة والكفاءة والفاعلية، وهو ما يجب أن تسعى إليه الأحزاب المشاركة في إدارة الحوار وأن تتكاتف جميعا لتحقيق هذا ولبناء مرتكزاته الراسخة عبر إصلاح البني المجتمعية والسياسية والتشريعية.. لتحقيق ذلك.
ومنطلقها بناء التشريعات التي تحقق ذلك عبر عمل قانون جديد للأحزاب السياسية ولممارسة الحياة السياسية يكون داعم لتأسيس الأحزاب ويضبط طريقة تأسيسها ولا يعوقها، وينظم طريقة عملها ولا يناور بها وفقا للمواقف السياسية ، ويتيح لها مصادر التمويل اللازمة لتكون الأحزاب قادرة وفاعلة عبر تنوع مصادر التمويل لتشمل توفير تمويل عام مباشر توفر فيه الدولة الدعم المالي المباشر للأحزاب ، وغير مباشر يتيح لها فرص الوصول إلى وسائل الإعلام التي تمتلكها الدولة ، وتعفي أنشطتها ومتطلباتها من الضرائب، ويسمح لها هذا التشريع بتنوع مصادر تمويلها على المستوى الخاص عبر السماح لها بالقيام بمشاريع وبنى اقتصادية… تدر العائد المالي لها بما يجعلها قادرة على العمل بكفاءة وبفاعلية، وأن يتم تغير بنية عمل وتكوين لجنة الأحزاب بما يسمح لتكون جهة تلقي لمفردات طبيعة عمل الأحزب لا متحكمة فيه وأن تنشأ دائرة قضائية متخصصة بدرجاتها تكون مهمتها الفصل في النزاعات حال الاختلاف بين الأحزاب واللجنة، ويكون الفصل في النزاعات سريعا فى مدة لا تتجاوز أسبوع من حدوثها ، وأن يتنوع تشكيل اللجنة لتكون شبه حكومية لتضم قيادت مجتمعية من الممارسين والمشاركين في العمل السياسي من خارج السلطة الحاكمة، وترسيخ بُنى تشريعية ومناخ عمل داعم للعمل الحزبي بما يتيح حرية الحركة والعمل الحزبي وبما يعزز قدرة الأحزاب على الآداء بفاعلية وبكفاءة.
وعلى صعيد آخر فإنه يجب التأسي لإصلاح البنى المجتمعية لتكون داعمة للعمل الحزبي وللعام عبر إصلاح التعليم ليرسخ قيم التسامح والتنوع والتعدد والاختلاف وقبول هذا التعدد والتنوع والاختلاف والتعامل معه في ضوء منظومة قيمية تؤمن به وتجعل منه قيمة وثراء مجتمعي، وأن تعمل مؤسسات المجتمع المختلفة وبنى تنشأته المجتمعية على ترسيخ قيمة العمل الحزبي والإعلاء من شأنها والنظر إليها كقيمة داعمة للمجتمع ومحققة لإدارته السياسية الراشدة التى تحقق احتياجات المجتمع ومتطلباته وترتقى به.
إن تحقيق ذلك هو بناء لقوة المجتمع ولقدرة آداء مؤسسلته الفاعلة لأن الأحزاب السياسية هى الأعمدة الرئيسية لبناء الدول القادرة على الفعل وتحقيق الإرادة على مصاف التقدم والحضارة ، لأنها وببساطة هى الأبنية المؤسسية المجتمعية التى تفرز الكوادر والكفاءات والبرامج والرؤى وتصوغ السياسات والخطط… التى تدير الدولة وتبنى تقدمها، والتى هى فى حالة تطور وتقدم باستمرار لأنها قائمة على التحاور والتنافس الفكرى والبناء والبناء عليه فى ظل التداول السلمى للسلطة بما يحقق المزيد من الكفاءة والتميز والجدارة فى منظومة الإدارة السياسية والعمل المؤسسى للدولة وبما يضيف كل يوم قوة لأبنية الدولة وللمستقبل.
إن الحوار الوطني منطلقة تطوير إدارة الشأن العام لإدارة كفء قادرة وفاعلة ، وتعزيز بنى سياسية وحكم راشدة قادرة على مواجهات تحديات الوطن وعلى بناء أسس مجده وقوة عظمته ، ومرنكز عمله الأحزاب السياسية الحقيقية ، وبالتالي فإن مرتكزات هذا الحوار ومخرجات عمله الرئيسية يجب أن تكون التأسيس لحياة حزبية حقيقية، ولأحزاب مدنية فاعلة و قادرة على أن تحمل هم الوطن وترتقى به وتأتى بمستقبله القادر الفاعل، هذا ما ينجى الوطن ويحميه وهو أمر هين نملكه ونستطيع التأسيس له فهيا بنا نؤسس ونرسخ لفتح الأفق والحياة السياسية أمام الأحزاب و العمل السلمى ودعمها ومساندتها لتحقيق أهدافها حتى يكون المجتمع قادر على مواجهة قضاياه وتحدياته بتنويعات فكرية وبرامج وكوادر وقوة بشرية ومنظومة إدارة سياسية قادرة فاعلة تحقق النجاح وتعزز البناء والتقدم على مصاف الإنجاز الحضارى والرفاة.