محمود شلبى فهمى يكتب..  الكُتاب والنُقاد والصحفيين ..الثوابت والمبادئ

إن لمخلوقات الله صور عديدة ونماذج متنوعة.. ولكن الجميع لهم قاعدة ثابتة فالبذرة حتماً ستنبت ، والشمس حتماً ستشرق ، والأرض تدور حول محورها …. ولكن عكس ذلك تماماً هو صنع الإنسان فالماكينة حتماً ستعطل ، والكهرباء حتماً ستقطع وكثيراً جداً من المتشابهات لذلك ولعل من أبرز ما نستشهد به اليوم هو تغير موقف ( الكتاب والنقاد ) في غالب الأمر تلاحقنا الحيرة والاستعجاب من أننا نجد كاتب على سبيل المثال ( أنيس منصور) دوماً ما عاهده الناس على مدحه وثناءه على الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ثم بعد وفاته نجده ينحاز للرئيس الراحل السادات وفي نفس الوقت ينتقد ويذم الرئيس جمال عبدالناصر ، بكتابة الشهير ( جمال عبدالناصر المفتري عليه والمفتري علينا ) وكُتب ذلك سبباً في التقرب من السادات .. وكذلك الكاتب الصحفي ( مصطفى امين ) الذى ادعى ولاءه وانتماءه لمصر ولنظام ثورة يوليو وهو النظام نفسه الذي ألقى القبض عليه هو وأخيه علي امين فجر ال ٢٣ من يوليو وأطلق سراحهما في ال٢٧ من نفس الشهر فكان مصطفى امين الذي ادعى الوطنية ما هو سوى جاسوساً ل( CiA) بواقع الأمر ففي لقاء للفريق محمد رفعت جبريل ( الثعلب) أكد القبض عليه بتهمة التخابر مع منظمات أمريكا إذ قال ( نحن ألقينا القبض على مصطفى أمين «متلبساً» في الإسكندرية، وقمت أنا بذلك، حيث كان جالساً مع الضابط الأمريكي أوديل.. وتم ذلك بعد تسجيلنا لقاءات عديدة وحساسة بينهما. ) من جهة أخرى أكد صلاح نصر في كتابه «عملاء الخيانة وحديث الإفك» وهو كتاب صدر في عام 1975 أن مصطفى أمين جاسوس فعلاً وشرح بالتفصيل علاقة الصحفي الشهير مصطفى أمين بالمخابرات الأمريكية والأكثر من ذلك ذكر صلاح نصر أن جهاز مكافحة التجسس كان يحتفظ بملف لـ«مصطفى أمين» حول علاقته بالمخابرات الأمريكية حتى من قبل ثورة يوليو 1952 وحتى بعد قضاء ٩ سنوات في السجن بتهمة التجسس لصالح ال CiA لم يتحدث سوى بمقالاته الكاذبة المضللة للناس على جريدته هو وأخيه ( اخبار اليوم) إذ نشر مقالاً أعده داخل المعتقل بعنوان ( سنة اولى سجن ) ومقالات عن تعذيبه داخل السجن فقط ولم يجرؤ على تبرئة نفسه ولا صرح بأنه لم يفعل ذلك بالإضافة إلى حديث الفريق محمد رفعت جبريل حيث قال عن ( تعذيبه داخل السجن ) التفسير الوحيد عندي أنه اتهم أسماء كانت معروفة في ذلك الحين، وتم تداول أسمائهم لخروجهم من الجهاز في هذا الوقت.. ومن هذه الأسماء صلاح نصر وحسن عليش ويسرى الجزار- رحمهم الله- جميعا، فقد كانوا رجالا محترمين لهم تاريخهم الوطني الرائع في العمل لجهاز المخابرات العامة ، وتوضيح للأمر تم اعتقال صلاح وبعض رجالة بتهمة فساد المخابرات وإضافة إلى ذلك ولكي يعلم من لا يعلم الكتاب الصحفي ( جلال الدين الحمصاني ) الذي أخذ من كتابة ( حوار وراء الأسوار ) فيلم ( إحنا بتوع الاتوبيس ) الذي ادعى فيه ديكتاتورية النظام الناصري وتعذيب السجناء السياسيين في حقيقة الأمر لم يعتقل ( جلال الدين الحمصاني ) سوى مرة واحدة فقط في عام 1942 بسبب معارضته للنظام الملكي وخرج في عام 1944 فكيف يتحدث عن الاعتقالات والتعذيب داخل السجن وهو في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عاش معززاً مكرماً يتحدث عن ذلك ففي حقيقة الأمر المرة الوحيدة التي اعتقل فيها كما ذكرت كان صديقه المقرب في نفس الزنزانة وهو ( محمد انور السادات ) نعم السادات الذي ذُم جمال عبدالناصر من قبل أنيس منصور للتقرب منه أيضاً ذم جلال الدين الحمصاني جمال عبدالناصر ليتقرب من صديقه السادات ، وكثيراً من النقاد والصحفيين والمخرجين الذين ساروا على نفس النهج المتقلب المتغير وأبرزهم ) توفيق الحكيم ( لما انطلقت ثورة يوليو بقيادة الضباط الأحرار احتفى بها وكان من المساندين للتنظيم ومن أكثر الداعمين لها و التقى جمال عبدالناصر بتوفيق الحكيم في عام 1952 وأصبح من من وقتها أبا روحياً لجمال عبدالناصر ومن أكثر الزائرين لمنزلة ، إضافة إلى ذلك فإن توفيق الحكيم أصدر رواية بإسم ( عودة الروح ) لتمدح وتثني على جمال عبدالناصر ، وتمتع توفيق الحكيم بحرية كبيرة في الكتابة خلال فترة حكم جمال عبد الناصر ولم يُذكر أن عبد الناصر منع أي عمل لتوفيق الحكيم، حتى عندما أصدر السلطان الحائر بين السيف والقانون في عام 1959، وبنك القلق عام 1966، وانتقد فيهما بطريقة غير مباشرة النظام الناصري ودافع عن الديمقراطية لم يمنع عبد الناصر صدورهما ،كان عبد الناصر يستقبل توفيق الحكيم ويحتفي به في أي وقت، وبغير تحديد موعد سابق، وهو ما أكده الحكيم نفسه بعد وفاة عبد الناصر عام 1970 ، حزن توفيق الحكيم جدًا على وفاة جمال عبد الناصر، وأثناء تأبين الزعيم سقط توفيق الحكيم مغشيا عليه وهو يحاول تأبينه، وبعد أن أفاق قال خطبة طويلة من ضمنها: اعذرني يا جمال. القلم يرتعش في يدي، ليس من عادتي الكتابة والألم يلجم العقل ويذهل الفكر، لن أستطيع الإطالة، لقد دخل الحزن كل بيت تفجعًا عليك، لأن كل بيت فيه قطعة منك، لأن كل فرد قد وضع من قلبه لبنة في صرح بنائك ، كل الاوضاع مستقرة الى الان حتى كتاب عودة الوعي ، إلى هنا كانت حالة الانسجام والوفاق تجمع بين الحكيم وجمال عبد الناصر لكن المفاجأة الكبرى أن توفيق الحكيم في عام 1972، أصدر كتاب عودة الوعي هاجم فيه جمال عبد الناصر والتجربة الناصرية بعنف كبير، ما أثار ضجة إعلامية كبيرة ووصف مرحلة جمال عبدالناصر بأنها كانت مرحلة عاش فيها الشعب المصري فاقد الوعي، مرحلة لم تسمح بظهور رأي في العلن مخالف لرأي الزعيم المعبود، وأعلن توفيق الحكيم عن خطأه في سيره خلف الثورة دون وعي ، روايات شبة مؤكده أن السادات وراء ذلك الأمر إذ وضح لتوفيق الحكيم « وأعطاه هو وكثير من النقاد والصحفيين والمخرجين والفنانين والمنتجين الضوء الأخضر للهجوم على فترة عبدالناصر ووعده بجائزة نوبل في الأدب » وقد يكون ما اشعل الأمر نفسه في صدر الحكيم صداقة وطيدة وقرب جمع بين ( ناصر وحسنين هيكل ) أغضبت وأثارت العداوة التي ظهرت في الرواية الأخيرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار