هلال عبدالحميد يكتب ..الحركة المدنية الديمقراطية والمهندس والبناء..هل يتيح الدستور الحالي الانتخابات بالقائمة النسبية كاملة ؟!
يسيطر النظام الانتخابي على جزء كبير من مناقشات أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية ، سواءً على مستوى رؤساء الأحزاب، أو الخبراء والفنيين،وتصاعدت حدة النقاشات بعد دعوة الرئيس للحوار الوطني رمضان الماضي
وما بين النظام الأغلبي ( القائمة المطلقة بأنواعها والفردي ) أو القائمة النسبية، تدار النقاشات وتتوسع وتمتد ولا تصل لنهايات
وفيما تلقى القائمة النسبية قبولًا واسعًا من كل الأحزاب المدنية ، الا أن بعض هذه الأحزاب وبعض الشخصيات الأكاديمية يتعامل معها كحلم رومانسي جميل يجب الأخذ به دون النظر للحالة الدستورية القائمة التي أضحت تحتوي على حصص انتخابية ( الكوتا) تزيد احيانًا عن ١٠٠٪ من العدد الإجمالي المطلوب لمقاعد المجالس المحلية (٢٥٪ للمرأة ،و ٢٥ ٪ للشباب ونصف المقاعد على الأقل للعمال والفلاحين – لاحظ معي شبه الجملة (على الأقل) أرجوك – . مما يجعل من الواجب دمج بعض الصفات
أما الفريق الأخر من أحزاب الحركة المدنية والذي يؤمن بدوره بان القائمة النسبية هي الأكثر ديمقراطية وتمثيلًا ،ولكنه يرى انه لا يمكن الأخذ بها بشكل كامل ولا حتى بالفردي بشكل كامل لاستحالة ذلك إلا بتعديلات دستورية ومن غير هذه التعديلات من غير الممكن اجراء الانتخابات بالقائمة النسبية كاملة أو حتى بالفردي بشكل كامل وانه من الضروري وضع قائمة مطلقة لا تقل عن ٣٠٪ لانتخابات النواب
فالدستور يعطي للمرأة ربع عدد مقاعد مجلس النواب
على الأقل ، وعن الثلثين لانتخابات المحليات وذلك لتغطية الحصص الانتخابية الواردة بالمادة ١٨٠ من الدستور
وعند دخول أي من فريقي الحركة المدنية الديمقراطية في نقاش حول النظام الانتخابي، حتى يدب الخلاف والذي يصل للاتهامات والتي تصل لاتهام القائلين بضرورة تعديل الدستور ان أردنا القائمة النسبية كاملة أو بالأخذ بالقائمة المطلقة جزئيًا لتغطبة الحصص الانتخابية للنواب وللمحليات ووضع الباقي بالقائمة النسبية
وعادة ما يقال لهؤلاء ( انتو ملكيين أكثر من الملك ) أو ( احنا هنلاقيها منكم ولا منهم ) -يقصدون أحزاب الموالاة ومخترعينها –
وعادة الفريق الحالم وما السياسة إلا حلم – يتناسى الدستور تماما عندما يطرح أفكارًا أو حتى مشروعات قوانين
وعندما يواجه بأن هذه الأفكار والمشروعات غير دستورية فيقول : الدستور ترك النظام الانتخابي مفتوحًا ولم يحدده وبالتالي فالأخذ بنظام القائمة النسبية دستوري ، أو ان الحصص الانتخابية موجودة للعمال والفلاحين طوال الوقت، وكلامهم في المطلق صحيح ولكنه يصطدم بنظام الحصص الانتخابية ( عمال فلاحون -مرأة-شباب-ذوي أحتياجات خاصة -مسيحيون -مصريون بالخارج )
ولقد قمت بتفنيد العديد من الأفكار ومشروعات القوانين التي تقوم على القائمة النسبية كاملة، أو الاي تجعل القائمة النسبية خاصة بالحصص الدستورية بمتوالية هندسية ( وكأن القائمة النسبية ستنجح كلها كالمطلقة !!! ، أو انه من الممكن ترك أمرآة ناجحة لصالح كوتة أخرى وهو أمر غير دستوري .وأوضحت عوار كل هذه الأطروحات الدستوري ، ولكن إصرار الفريق الحالم والذي يصطدم بالنصوص الدستورية يعود فيطرح نفس الأفكار والاتهامات وبصيغ مختلفة
والمشكلة الدستورية الكبرى انك ستضطر لتغطية واستكمال نسب بعض الحصص بالانتقاص من حصص أخرى
وكمثال
لو كان مطلوبًا بأحدى دوائر انتخابات المحليات ١٠ مقاعد مثلًا وترشحت عليها ١٠ قوائم أو اكثر أو أقل -ورتب هذه القوائم النسبية كما شئت حتى تضمن تمثيل كل الحصص- الانتخابية
وفاز في هذه الانتخابات ١٠ مرشحين وكانوا من العمال والفلاحين وكانوا جميعًا من الذكور الأصحاء المسلمين وفوق سن الشباب فهل نستطيع استبدال بعضهم ببعض الحصص الاخرى كان نترك عاملًا أو فلاحًا منهم وننجح أمراة او شابًا او مسيحيًا!!!
الإجابة قطعًا لا، لان الدستور وضع حدًا أدنى لتمثيل العمال والفلاحين على الأقل ولم يضع حدًا أقصى ( وهذا المثال ذاته صالح للتطبيق على المرأة لمجلس النواب مع اختلاف النسب )
وقد يقول قائل أن هذا افتراض جدلي بعيد التحقق
والاجابة ان الافتراضات منطقية ،وحتى لو كانت نسبة الناجحين من فئة العمال والفلاحين اكثر من ٥٠ ٪ في المحليات او اكثر من ٢٥٪ للمرأة في النواب فستواجه بنفس المشكلة الدستورية في عدم تمثيل بقية الحصص الانتخابية
وعلى افتراض اننا اعطينا لمهندس عبقري ،أو بناء فنان قطعة من الأرض مساحتها ( ٣٠ مترًا) وطلبنا منه تصميم وبناء قصر منيف لا يقل عن ١٠ غرف و٤ حمامات علاوة على حمام سباحة ومكان للسيارات
فهل سينجحا في تحقيق حلمنا الجميل أم أنهما سيطالبان بتعديل المساحة وزيادة رقعتها لتناسب البنا المطوب ؟!!!!
ومن هنا فالأولى بكل من يطالب بان تكون الانتخابات كاملة بالقائمة النسبية أو حتى بالفردي ان يطالب بتعديل الدستور
وهي عملية محفوفة بالمخاطر في ظل التضييق على الأحزاب وعلى الرأي الآخر ، واعتقد ان أحد رافعي لافتة ( لا لتعديل الدستور ) رهين الحبس الاحتياطي حتى الآن
فأما ان نعدل الدستور لتجرى الانتخابات كاملة بالقائمة النسبية
وإما ان نأخد بنظام القائمتين : المطلقة والنسبية وكلاهما يكون متاحًا للحصص الانتخابية ولغيرها وللأحزاب والمستقلين وللجمع بينهم جميعًا
وكنت قد وضعت مشروع قانون بهذا الشكل قبيل انتخابات مجلس النواب ٢٠٢٠ ومشروع لتقسيم الدوائر وطرحتهنا اثناء حوار الأحزاب قبيل انتخابات النواب ٢٠٢٠
وتمت مناقشتهما وثبت دستوريتهما وكانت المشكلة لدى أحزاب الموالاة ان مشروع القانون سيتيح لأي حزب مهما صغر تشكيل قائمته وكانت الفكرة المبيتة هي القوائم المطلقة ذات القطاعات الكبيرة جدًا ، والتي تتمكن الأجهزة من السيطرة عليها وتجبر أحزاب المعارضة على الدخول في قوائم مشتركة مع أحزاب الموالاة
انا أميل-في ظل الواقع الدستوري -الى اجراء الانتخابات المحلية بالقائمة المطلقة بالثلثين لتغطي الحصص وتكون بها مقاعد لغيرهم وبالثلث للقائمة النسبية وكلا القائمتين تكونان متاحاين للأحزاب وللمستقلين ولأصحاب الحصص ولغيرهم وان تكون الدوائر بالمحليات صغيرة تتناسب مع الوحدات المحلية حتى تكون دستورية من ناحية وتتيح للجميع الترشح وتشكيل قوائمهم
سواء في البرلمان أو المحليات
فعلى كل الافتراضات لن تزيد القائمة المطلقة في المحليات عن ١٦ مرشحًا والنسبية عن ٨ وهي أعداد سهلة التشكيل لحزب منفردًا بوحدة محلية له بها وجود والأسهل مع مجموعة أحزاب للحركة المدنية يكون لها تواجد بالوحدة المحلية -فتستطيع تشكيل قوائمها سواء أكانت مطلقة أو نسبية ،أما في البرلمان فستكون القوائم قريبة من قوائم انتخابات ٢٠١٢/٢٠١١
فهل ستطالب الحركة المدنية بتعديلات دستورية ، أم ستطرح مشروعات قواتينن تتماشى مع الدستور الحالي ، أم ستذهب للحوار الوطني بأفكار أفلاطونية غير قابلة للتطبيق العملي وستكون مخالفة للدستور ؟!
هذا ما يجب ان تجيب عنه أحزاب الحركة المدنية بكل بساطة