د. أماني فؤاد .. يُعاد تدويره سريعا

أثناء تناولها لكوب الشاي بالحليب الصباحي وجدت البسكويت الذي تصنعه أمها بيديها في نفس علبة الشكولاتة التي اعتادت أن ترصه فيها بعناية، الشيء الذي أصابها بالشجن العميق أنها لاحظت أن العلبة صارت بلاستيكية الصنع، رفعتها بيديها وقلبتها فلاحظت خفتها وضآلتها مقارنة بالعُلب الرصينة السابقة المصنوعة من الصاج الملون، الزاهي من الخارج والمذهب من الداخل أو المفضض. كانت أمها تفضل هذه العلب الجميلة بعد نفاذ ما بها لأنها محكمة الغلق، فلم يكن الهواء يتسرب لقطع البسكويت.

كانت زاهية الألوان تتراقص فوقها قطع الشكولاتة المنوعة، حتى أن يديها في إحدى المرات وهي صغيرة همت تلتقط إحداها، كما أنها كثيرا ما كانت تغافل والدتها وتأخذ بعض تلك العُلب لتضع بها أشياءها الصغيرة الغالية.

لم يتغير حجم العلبة ولا رسومها، لكنها في الحقيقة فقدت أشياءً باغتتها.

أمس أكدت لأخيها أنه لا فرق لديها من سُكنى الدور الأول المرتفع، أو الأرضي بحديقته ــ بالرغم من عشقها لرائحة الأرض ــ طالما أنهما سيقيمان معا بنفس البيت، ثم تركت له الاختيار. بدوره فكر لوهلة قبل قراره ليرصف مفردات مناسبة تمثّل ردا لائقا، وجدت لديه اعتبارات أخرى تختلف تماما عن رؤيتها لقيمة كلمة “معا” هذه، مفاضلات لا تجعله يختار تلك المنطقة برمتها، كان عليها أن تحترم إرادته، ربما شعرت فقط أنها بمواجهة علبة شكولاتة أخرى حديثة، استبدلوا مادة صُنعها بالبلاستيك.

منذ سنتين أو ثلاث شعرت بسحابة طفيفة فوق عيني حبيبها، ربما بريقهما لم يعد ناصعا، حين سألته هل تشعر أنك تراني جيدا؟ أكد لها أنه يراها على النحو الأمثل، بعد عدة أشهر اختفى في مكان لا تعرفه، لكنه كان كريما معها فقد ترك لها قبل أن يغادر علبة شكولاته من البلاستيك الخفيف للغاية.

منذ عدة ساعات سألتها ابنتها هل ستبتلعين كل هذه الأدوية معا، حتى لا تجعل صغيرتها تشعر بالقلق طلبت منها أن تعدّ الحبوب وتذكر لها ألوانها، بعد دقيقة قالت: تسع كبسولات، وأربع حبوب، فصلتهما عن بعض وقالت لطفلتها: أغمضي عينيك مرتين ولن تريهم مرة أخرى.

لوهلة وهي تبتلع الأدوية نظرت من النافذة دُهشت حيث كانت الأمواج التي تتابع ترمي على الشاطئ كثيرا من العلب البلاستيكية الفارغة الخفيفة للغاية، تلك التي تلقي بها السفن التي تمر من هنا كل يوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار