د. أماني فؤاد تكتب..أشجار من نور

حين أزاحت الستائر في الصباح، وقفت تتأمل الأشجار، تتعجب كيف ارتفعت قامتُها ‏على هذا النحو، لم يتجاوز عمرُها سنواتٍ قليلةً معدودة، ابتسمت تلك الابتسامة الحيية، ‏تعرفها؛ تلك التي تَصدُر من أعماقها، تجتاح كيانها حين تشعر بهدايا الرضا والاتصال ‏العذب، هو الوجود الذي يربت بحنوٍّ عليها، فتعلو بعض الشجرات المرصوصة على ‏سياج البيت سريعًا، لتحجُبَ نوافذَ الأدوار المرتفعة في الفيلا المجاورة، خافت – حين بدأ ‏البناء – أن تتبدد خصوصيتها، خشيت من التلصص، لكنها الطاقة العُظمى، الوجود ‏سخي العطاء، عميق الأثر، الذي يبدد مخاوفها بطريقته دون ضجيج يُذكر، دون توقُّع ‏بأيٍّ من الموجودات سيحرك، شكرت ربَّها الذي يهيِّئ مخلوقاته ليحجب ثلاثةَ طوابقَ ‏كاملةٍ، ربُّها الذي يبدد مخاوفَ أخرى كثيرةً بعطاءاته التي بلا حصر، بجبْر خواطرنا، التي ‏قد يكسرها آخَرون، بالقدرة على الاستغناء عن كل ما يخدش كبرياءنا، أعمق الامتنان ‏لأشجار من نور، وأغصان خضراء تعْقِلْنَ مخاوفنا وضعفنا. ‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار