محمد عز الدين يكتب ..الرجوع للحق فضيلة
مصر (ولّادة) منذ فجر التاريخ؛ أخرجت العديد والعديد من القيادات الطبيعية المؤثرة من العسكريين والمدنيين سواء -ذكرهم التاريخ أم لم يذكرهم- تركوا بصماتهم الإيجابية وصنعوا الفارق لصالح هذا البلد الأمين.
وفي القرنين الآخيرين ظهر جليًا تأثير أحد أشكال هذه القيادات الطبيعية في الحراك الشعبي والسياسي في مصر، وأقصد هنا القيادات الطلابية، والتي كانت لها بصمتها الواضحة في تاريخ بلدنا الحبيب، منذ ثورة ١٩١٩ تحديدًا وما تلاها من أحداث لعقود وعقود، أظهر فيها الطالب المصري قدراته الكبيرة، على قيادة الشارع والتعبير عن هموم الشعب!
ولعل حادث ٩ فبراير ١٩٤٦ والذي راح ضحيته ١٨ طالبًا وإصابة المئات، أثر فتح قوات الاحتلال الإنجليزية كوبري عباس على الطلاب لمنعهم من استكمال تظاهرهم ضد استكمال العمل بمشاهدة ٣٦، من الأحداث المحورية تاريخيًا، وتوضح قوة أثر القيادات الطلابية، في تحقيق الفارق لصالح الوطن.
واستمرت الجامعات في عطائها، وانجبت العديد من القيادات الطلابية، التي استمرت في عطائها لسنوات عديدة، وصنعت الفارق في تاريخ مصر، عبر الكثير من النقاط المضيئة، كمظاهرات ٧٧ وثورة يناير وما تلاها من أحداث حتى الثلاثين من يونيو، وهو ما يؤشر بقوة على أهمية الحراك والعمل الطلابي في مصر، ومدى الفارق الإيجابي المتوقع مع عودته للصورة مرة أخرى، في إطار جديد يعمل على البناء من أجل المستقبل، لا رفض فساد الحاضر فقط.
العمل الطلابي في الجامعات، من أهم آليات بناء قادة المجتمع والمؤثرين منذ عقود كثيرة، بين طلاب أنشطة في الاتحادات الطلابية ونماذج المحاكاة والمبادرات، وغيرها من الأنشطة كلأسر والجوالة من جهة، وطلاب الحركات الطلابية (السياسية) -ولا أتحدث هنا عن الحركات ذات الطابع الديني- بمختلف الأيديولوجيات المؤسِّسة من جهة أخرى.
واجه العمل الطلابي بمختلف أشكاله مشكلات عدة -خصوصا مع اللوائح الطلابية- في فترتي (١٩٧٩-٢٠١١) وما بعد (٢٠١٥) حتى الآن، وهو ما أثر بشكل كبير على قياداته الطلابية الطبيعية -إلا فيما ندر- وساعد بنسب مختلفة على تسطيح رؤى الطلاب، وإخراجهم من دائرة التأثير على صناعة القرار داخل وخارج أسوار الجامعات.
لذا وجب علينا المطالبة بتعديل اللائحة الطلابية ومنح الطالب مساحة أكبر في اتخاذ القرار، وتشجيع الشباب على المشاركة في الاتحادات الطلابية، وإظهار قدراتهم القيادية، بعيدًا عن التوجيه والتقييد، كما يبدو أن من الحكمة أيضًا تقتضي إعادة فتح المجال والسماح للعمل السياسي بالعودة داخل الجامعات بشكل قانوني، ففي النهاية يجب أن نثق في قدرات الشباب ووعيهم من خلال إعادة حقهم في الاختيار الحر، والاستفادة من القيادات الحقيقية الناتجة عن ذلك.
مصر مع هذه الثروة البشرية التي تمتلكها، تحتاج إلى منح الجميع فرصًا متساوية لبلورة رؤاهم وأفكارهم، ومن ثم التعبير عنها، والبداية من الجامعات -المعترك الحقيقي الأول- وطلابها هي الخطوة الأفضل، التي من شأنها أن تمنحنا فرصة أكبر، للارتقاء بوطننا وتطويره بأفضل وأسرع السبل.