دماء على الإسفلت… صار الطريق الإقليمي مقصلةً لأرواح بنات المنوفية والمال السياسى يتاجر بفقرنا

هنا المنوفية… لا كاميرات ولا فرق إنقاذ إعلامية ولا طاولات منمقة لتبرير الفشل. هنا وجعٌ يطلّ علينا من قلب الصمت والتواطؤ والإهمال.
تسعة عشر زهرة خرجن قبل الفجر، وجوهٌ نديةٌ حملت عبء عائلات مسحوقةٍ تحت عجلات الغلاء والخذلان. صعدن شاحنةً متهالكةً لا تليق بالبشر، فقط تصلح تابوتًا مؤجلًا ينتظر دور ضحاياه.
خرجت هؤلاء الطيبات لا ليبحثن عن الترف، بل ليعدن ببضع جنيهات تحفظ ما تبقى من ماء وجه بيوتٍ فقيرةٍ، لا تعرف منكم إلا وعودًا كاذبةً وصورًا مزيفةً.
ثم جاء الطريق الإقليمي… طريقٌ جديدٌ تفاخرتم به فى نشراتكم وتقارير إنجازاتكم، فإذا به يتحوّل إلى مقصلةٍ تلتهم أرواح البسطاء بلا ذنب.
هذا الطريق الذى كلف المليارات صار شاهداً على فساد الأولويات، وعلى موت الضمير العام الذى لا يرى فى الفقراء إلا أرقامًا هامشيةً فى إحصائيات المرور.
يا حكومة تقولون إنكم مع الشعب…
إن كنتم صادقين، فاخرجوا من مكاتبكم وتفقدوا هذا الطريق بأنفسكم، لا عبر التقارير المزخرفة.
اتركوا تبريراتكم الجوفاء، وتذكروا أن دم هؤلاء البنات هو مسئوليتكم قبل أى مسئول آخر.
اتركوا الانشغال بالشكليات والاحتفالات والافتتاحات المصطنعة، وابدءوا فى إنقاذ أرواح الناس وصيانة الطرق التى كان يفترض أن تحميهم لا تقتلهم.
ويا نواب المنوفية الشجعان… ويا نواب مصر الصناديد…
كفوا عن جمع الأصوات بمال السياسة وشراء الفقر لتجديد مقاعدكم.
إن كنتم تريدون الكرامة، فاشتروا قلوب الناس بخدمتهم، واصنعوا محبتهم بالعمل الصادق، لا بالاستغلال الحقير لمعاناتهم وشراء أصواتهم.
إن من يخشى الله لا يهنأ بنوم ولا يطمئن قلبه ودم البنات يُغسل عن الإسفلت كل صباح.
اتركوا مصالحكم الضيقة جانبًا، تذكروا أن مقاعد البرلمان أمانةٌ ثقيلةٌ، وأن خيانة هذه الأمانة عارٌ لا يُغتفر.
إن مصر أكبر من كل مصالحكم وأطهر من كل حساباتكم الرخيصة.
يجب أن تكون الحكومة والنواب على نفس مستوى القيادة السياسية لرئيس الجمهورية الذى يعمل ليل نهار من أجل رفعة مصر وتقدمها، بينما يظل بعض المسؤولين غارقين فى حسابات صغيرةٍ، وأولويات مشوهةٍ، وانشغال بتجميل الصورة وشراء الولاءات.
هؤلاء البنات لم يكن لهن إلا الله، وأملٌ صغيرٌ أن يجدن فى وطنهن رحمةً تحفظ أرواحهن وكرامتهن.
فإن لم تتحركوا اليوم، فمتى؟
وإن لم يصرخ ضميركم الآن، فمتى؟
اللهم ارحم بنات المنوفية الطاهرات، وتقبلهن عندك فى الصالحين، واغفر لهن واجعل مصابهن شفاعةً لأهلهن.
اللهم إنا نعوذ بك من موت الضمائر، وفساد القلوب، وفواجع الإهمال.
اللهم احفظ مصر وأهلها وأولادها الطيبين.
تحية لمصر التى ستبقى رغم كل هذا الوجع، تحية لجيشها العظيم، وتحية لرئيسها الذى يعمل بصدق ليصنع غدًا يليق بشعبنا الكريم.