خائن الوطن
الوطن لا يخونه عدو خارجي بقدر ما يخونه من ينتمي إليه بالاسم فقط. فالعدو الواضح سهل المواجهة، أما الخائن الذي يختبئ خلف ستار الوطنية الزائفة، فهو الأخطر، لأنه يزرع السم في العسل ويبيع الشعارات المزيفة ليخفي بها خيانته.
خائن الوطن ليس فقط من يبيع أسرار بلاده، بل هو أيضًا من يتاجر باسمها، يتحدث بلسان الوطنية بينما قلبه مملوء بالأنانية والمصالح الشخصية. هو من يرفع العلم في العلن، ويطعن الوطن في الخفاء.
هذا النوع من الخيانة يُضلل الناس بالشعارات، يلبس قناع المصلح، بينما أفعاله تخدم أعداء الوطن. قد يرفع صوته دفاعًا عن العدالة والحرية، لكنه في الحقيقة لا يعرف من العدالة إلا ما يحقق له مكاسب، ولا من الحرية إلا ما يفتح له أبواب النفوذ.
أمثلة للخيانة المستترة خلف الشعارات:
من يدّعي الدفاع عن حقوق الفقراء، بينما ينهب أموالهم ويستغل معاناتهم ليصنع لنفسه مجدًا زائفًا.
من يتحدث عن الشرف والكرامة، وهو في الخفاء يبيع قراراته وضميره لأعداء الوطن.
من يرفع شعار “مصلحة الوطن أولًا”، بينما يقدّم مصلحته الشخصية وأطماعه على حساب أمن البلاد واستقرارها.
من يظهر بمظهر الناصح الأمين، لكنه يغذي الفتن بين أبناء الشعب ليكسب هو نفوذًا أكبر.
التاريخ مليء بأمثال هؤلاء؛ ففي كل عصر يظهر من يتلون بلباس الوطنية، ثم ينكشف على حقيقته كخائن أو عميل. قد يصفق له البعض في البداية، لكن عند سقوط القناع لا يتذكره الناس إلا بالخيانة.
الوطن يحتاج إلى أفعال صادقة، لا إلى شعارات رنانة. الوطنية ليست كلمات تُقال في المناسبات، ولا صور تُرفع على الجدران، بل هي تضحية وإخلاص وعمل حقيقي. والخائن الذي يختبئ خلف الشعارات، مهما تزين بالكلمات، سيسقط قناعه يومًا ما، ويظل في ذاكرة الأمة خائنًا لا بطلًا.




