د. أماني فؤاد تكتب : نفس ملامحه
تأمل جلسته بين ابنتيه ثم استقر على المقعد الوثير بأريحية، وضع ساقا فوق الأخرى وهو يتابع زوجته تساعد إحدى الصبيتين في استذكار دروسها “أون لاين”، يعلو صوتها أحيانا تستنكر لامبالاة الفتاتين، فيتدخل سريعا لتهدئة الموقف رغم القلق الذي يساوره من امتداد فترة الحظر، كل تأخير سيؤثر سلبا على أحوال شركته المادية، يكره تسريح موظفيه.
ينتبه على صوت رسالة تصله على هاتفه فيقرر عدم رؤيتها، ربما أتاح له بقاؤه في بيته ووسط عائلته مناعة ضد مشاعره الوليدة، أدرك سريعا أن عرشهما معا سيظل في الهامش.
أبعد هاتفه، لا يريد أية هزة لصرحه الذي شيده كل تلك السنوات، ربما لاحقا سيرسل إليها أنه لن يجد وقتا لأن يستنبت نواراً للذي اخضر بينهما.
رجع إلى أسرته وظل يقلب بين قنوات التليفزيون، كان يتابع ارتفاع منحنيات أعداد الإصابات، ربما مرت ساعة وهو على جلسته يقاوم، تململ في كرسيه مرددا:”ثمة من يموت طيلة الوقت دون إحداث تلك الجلبة”.
انتبه وهو يرى رجلا له نفس ملامحه، يرتدي الملابس ذاتها، ينخلع منه ثم يتجه نحو زوجته يقبّلها والبنتين، يلقي أوامره للخادمة بغسل الخضروات بمياه بها كمية من الخل، ثم يتجه مباشرة نحو هاتفه ويفتح رسالتها فيقرأ: “العشيقات أول من يُلقى بهن إلى البحر بمجرد أن تهب رائحة العواصف، لماذا لسنا من القوة التي تمكّننا من أن ننزع أنفسنا من تجارب نعرف حتمية أوجاعها، المدهش أننا نعرف، لكننا نستمر!!” نظر إلى الرجل الذي في غرفة المعيشة فوجده يقول: “الصعوبة ليست فيما نقرره، بل في القدرة على احتماله”