د/كريمة الحفناوى تكتب عن..اليوم العالمى ل “اللاعنف”

يحتفل العالم فى الثانى من أكتوبر كل عام باليوم العالمى ل “اللاعنف” وهو يوافق الذكرى السنوية 152 لميلاد الزعيم الهندى مهاتما غاندى الذى يعتبر الرمز العالمى للسلام حيث دعا للمقاومة السلمية ضد المحتل البريطانى.
لقد قررت الأمم المتحدة فى عام 2007 أن تجعل هذا التاريخ بالتحديد يوما للاحتفال باللاعنف إحياءً لذكرى غاندى ورسالته من أجل رفض العنف وتوعية الشعوب وتأمين ثقافة السلام والتسامح والتفاهم واللاعنف، وجعلت الأمم المتحدة مقولة غاندى شعارا لهذا اليوم وهى “إننى على استعداد لأن أموت فى سبيل قضايا كثيرة ولكننى لست على استعداد لأن أقتل فى سبيل أى قضايا”.
وإذا أردنا تعريف العنف وأسبابه نجد عددا من التعريفات منها تعريف عالم الاجتماع جوهان جولتن الذى يُعرِّف العنف بأنه ضرر يمكن تجنبه عند الوفاء بالاحتياجات الأساسية للإنسان ( البقاء وتعزيز الرفاهية والهوية) وهذا يعنى أن أسباب العنف تعود للظروف المحيطة بالإنسان، وهناك تعريف آخر وهو أن العنف سلوك عمدى موجه نحو هدف سواء لفظى أوغير لفظى ويتضمن مواجهة الآخرين ماديا ومعنويا ومصحوبا بتعبيرات تهديدية.

ومن المعروف أن العنف بجميع أنواعه مرفوض من كل الأديان السماوية والأعراف والمجتمعات وتأكيدا لهذا الرفض أصدرت معظم الدول قوانين لمحاربة العنف ومواجهته والحد منه.

إن ماقام به الزعيم الهندى غاندى من تعبئة الشعب للمقاومة السلمية كان له دورا كبيرا فى استقلال الهند عام 1947 بعد احتلال بريطانى استمر أكثرمن قرنين من الزمان حيث دعا لمقاطعة بضائع الانجليزية من الأقمشة واستبدالها بصناعة منسوجات محلية، كما دعا لمسيرة طويلة من قلب الهند إلى سواحلها لجلب الملح فى تحدٍ لضريبة الملح التى فرضها الاستعمار البريطانى والتى تسببت فى غلاء فاحش لسعر الملح، واستطاع غاندى تعبئة الشعب الهندى وقيادته للمقاومة السلمية، ومن أقواله “إن اللا عنف هو أقوى قوة فى متناول البشرية فهو أعتى من أعتى سلاح من أسلحة الدمار تم التوصل إليه من خلال إبداع الإنسان.

يزداد العنف فى زمننا الحالى ويأخذ أشكالا عديدة منها الآثار المدمرة للمناخ، والدمار الناتج عن النزاعات والصراعات المسلحة، والمهانة والذل نتيجة للفقر، والظلم النابع من انتهاكات حقوق الإنسان، والجراح الغائرة التى يسببها خطاب الكراهية وعدم قبول الآخر.
وفى يوم السبت الموافق 2 أكتوبر تمت استضافتى فى فقرة “بلا حدود” بالبرنامج الثقافى فى الإذاعة المصرية وكانت الفقرة للحوار حول اليوم العالمى للا عنف.
تناول الحوار الصورة التى يعيش فيها العالم الآن والمليئة بالحروب والصراعات التى أدت إلى نزوح ولجوء ملايين من البشر للدول المجاورة والبعيدة هربا من القتل والدمار واضطرارهم للمعيشة فى مخيمات تفتقد للحياة الآدمية وللمياه النظيفة والأدوية والعلاج مع انتشار وباء الكورونا، ودور المنظمات الإنسانية فى التخفيف عن معاناة هؤلاء اللاجئين وبالذات الأطفال والنساء.
كما تناول الحوارأيضا ماسببته جائحة كورونا فى ازدياد العنف الأسرى ضد المرأة والأطفال لثلاثة أضعاف وفق تصريحات الأمم المتحدة، هذا بجانب التمييز ضد المرأة فى معظم الدول على مستوى العالم وجرائم التحرش والاغتصاب كنوع من أنواع العنف المجتمعى.
وفى فقرة أخرى تم الإشارة إلى الاتفاقيات الدولية الصادرة من الأمم المتحدة (وأهمية توقيع مصر ودول العالم عليها) ومنها الاتفاقية (190) الخاصة بالقضاء على العنف فى عالم العمل والصادرة فى 21 يونية 2019 والتى تؤكد على أن ظاهرة العنف والتحرش فى أماكن العمل تُشكِّل انتهاكا وإساءة لحقوق الإنسان وتُشكِّل تهديدا لتكافؤ الفرص وتتنافى مع العمل اللائق الذى تقره مواثيق العمل الدولية كحق من حقوق الإنسان، كما أن العنف والتحرش فى أماكن العمل ظاهرة تؤثر على صحة الشخص النفسية والبدنية والجنسية وعلى كرامته، وقد تحول دون وصول النساء إلى سوق العمل والبقاء فيها وتؤثر سلبا على تنظيم العمل. ومن الاتفاقيات الدولية أيضا اتفاقية (189) الصادرة 2018 بشأن حماية العاملات فى المنازل.
كما تناول الحوار أيضا دور القوة الناعمة والفن كرسالة لنشر السلام والاستقرار وإعلاء منظومة القيم الإنسانية فى العالم.

كل التحية لأسرة البرنامج الإخرج للأستاذ محمد خالد والهندسة الإذاعية الأستاذ مصطفى عرفه والإعداد للمتألقة رباب هيكل والتقديم للمذيعة الجميلة دعاء على.
ومن الجدير بالذكر أنه يجب التفرقة بين العنف والجرائم التى يرتكبها المستعمر الغاصب والمحتل الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى والتى تعتبر إرهابا وجرائم حرب ضد الإنسانية، وبين المقاومة المسلحة المشروعة ضد المحتل لاستعادة الأوطان والتى تكفلها كافة الاتفاقيات الدولية، ومن هنا نتضامن ونساند المقاومة الفلسطينية المسلحة والمقاومة الشعبية بكافة أشكالها.
وفى نهاية المقال أود أن أشير إلى أن الاتفاقيات الدولية والدستور المصرى تكفل حق التعبير السلمى لتحسين الأحوال المعشية ولرفع الظلم والقهر، وتكفل حق الاحتجاج السلمى بكافة أشكاله من وقفات واعتصامات، هذا بجانب حق لإضراب السلمى والذى تنص عليه المادة 15 من الدستور المصرى، لذا لابد من مساندة العمال فى مصانع يونيفرسال فى وقفتهم السلمية من أجل صرف مرتباتهم المتاخرة لشهرى أغسطس وسبتمبر وكل مستحقاتهم المالية من بدلات وحوافز وأرباح متأخرة لعدة أشهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار