على العربي يكتب.. وزارة الدولة للذكاء الاصطناعي

هل أصبحت مصر في حاجة ماسة إلى وزارة دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي؟

سؤال يتبادر في أذهان الكثيرين في هذه الأيام، وخاصة بعد مواجهة العديد من الصعاب في الحصول على الخدمات الرقمية للحكومة المصرية، وضعف خدمات الاتصالات وخروج البوابات الرقمية من الخدمة لعدد من الساعات، والضغط الشديد على المنافذ التقليدية لتقديم الخدمات الحكومية.

ودعونا نبدأ بالخلفية التاريخية للتحول الرقمي في مصر، والذي بدأت إرهاصاته في الظهور مع إنشاء وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر عام 1999، ثم بدأ الحلم في التحول إلى حقيقة عام 2001 بعد إطلاق المرحلة الأولى من برنامج الحكومة الإلكترونية في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وقد تضمنت هذه المرحلة وضع والتصديق على الخطة الاستراتيجية للحكومة الإلكترونية والبدء في تنفيذ بعض المشروعات الاسترشادية (Pilot Projects) ثم البدء في نشر بعض هذه المشروعات جغرافيا وقطاعيا.

ثم جاء عام 2007 وجاءت معه المرحلة الثانية من البرنامج ولكن تحت عباءة وزارة الدولة للتنمية الإدارية، وقد تضمنت هذه المرحلة البدء في تنفيذ المشروعات على المستوى القومي، وأيضا تطوير منظومة التنفيذ الحكومي لتتواكب مع متطلبات خدمات الحكومة الإلكترونية. وفي عام 2010 كانت بوابة الحكومة المصرية www.egypt.gov.eg تقدم ما يناهز 120 خدمة سواء للأفراد أو جهات الأعمال. وكانت هذه الخدمات تقدم من مصلحة الأحوال المدنية، وإدارات المرور المختلفة التابعين لوزارة الداخلية، أو نيابات المرور، والمحاكم المختلفة تحت مظلة وزارة العدل، أو التنسيق الإلكتروني من خلال وزارة التعليم العالي، أو حجز التذاكر الخاص بوسائل المواصلات وخاصة القطارات من خلال وزارة النقل، أو تذاكر الأحداث الثقافية في دار الأوبرا، أو إنشاء الشركات الاستثمارية بأنواعها المختلفة تحت مظلة هيئة الاستثمار، والعديد من الخدمات الحكومية الاخرى في العديد من الوزارات.

في هذه الفترة قفز ترتيب مصر في مؤشر الحكومة الإلكترونية والذي تصدرة الأمم المتحدة (UNPAN Report) من المرتبة 162 عام 2003 إلى المرتبة 140 عام 2004، ثم إلى المرتبة 59 عام 2005، ثم إلى المرتبة 28 عام 2008، ثم المرتبة 23 من 192 دولة عام 2010. ويعني هذا أن ترتيب مصر قد حقق قفزة تاريخية مقدارها 139 مرتبة في حوالي سبعة سنوات، وهي قفزات غير مسبوقة في مثل هذا المؤشر على مستوى دول العالم.

وهنا يأتي السؤال الهام، كيف استطاعت مصر تحقيق هذه القفزات غير المسبوقة في خلال هذه الفترة الزمنية المحدودة؟ إن القفزة الكبيرة حدثت بين عامي 2004 و 2005 من المرتبة 140 إلى المرتبة 59، وقد حدث هذا بسبب واضح وقوي وهو فصل برنامج الحكومة الإلكترونية من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وإلحاقه بوزارة الدولة للتنمية الإدارية التي أصبح شاغلها الشاغل تنفيذ هذا البرنامج دون سواه.

إن تخصيص وزارة دولة همها الأول والأخير هو برنامج محدد بعينه، واستقطاب خيرة خبراء مصر في هذا المجال لقيادة مشروعات تلك الفترة، أدى إلى حدوث تلك الطفرة، وارتفاع مرتبة مصر في هذا المجال من المرتبة 59 عام 2005 إلى المرتبة 23 عام 2010.

وقد أدى دمج وزارة الدولة للتنمية الإدارية في أعقاب 2011 في وزارات أخرى ونقل البرنامج في فترة من الفترات إلى وزارة التخطيط والاصلاح الإداري ثم إلى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى عدم التركيز على موضوع التحول الرقمي حيث أصبح برنامج التحول الرقمي مجرد برنامج أو قطاع ضمن الاهتمامات الكثيرة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتي تتضمن ضمن ما تتضمن وضع خطط تطوير البنية التحتية للاتصالات، وتحديث البنية التكنولوجية للوزارات والجهات المختلفة، والمشاركة في تنفيذ العاصمة الإدارية وإنشاء جامعة لتكنولوجيا المعلومات فيها، إلى إنشاء ونشر مراكز الإبداع في المحافظات المختلفة. إن تنفيذ كل هذه الأنشطة المختلفة أدى إلى عدم إعطاء الأهمية القصوى والتركيز على برامج التحول الرقمي بالرغم من أهميتها القصوى، مما أدى إلى تراجع مصر إلى المرتبة 114 عام 2018، وإلى المرتبة 111 عام 2020 في مؤشر الحكومة الإلكترونية والذي تصدره الأمم المتحدة (UNPAN Report)، بالرغم من وصولها إلى المرتبة 23 عام 2010.

إن المشروعات الجديدة المدرجة في رؤية مصر 2030 والعناصر اللازمة للوصول بالجمهورية الجديدة إلى شاطئ الأمان، والاحتياج إلى استكمال عمليات التحول الرقمي لكافة الجهات الحكومية، وتأكيد السيد رئيس الجمهورية على أهمية الانتهاء من تنفيذ عمليات التحول الرقمي الكامل لكل الخدمات الحكومية بالتوازي مع انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، واستكمال المدن الجديدة الذكية المعتمدة كامل الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات وتأمين البٌنى التحتية واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في نواحي الحياة المختلفة والتوجه إلى الثورة الصناعية الرابعة المعتمدة تمام الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات وامتزاجها بإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، يحتاج إلى تركيز الجهود والفكر والرؤية، كل هذا لن يتأتى إلا بوجود قيادات تركز جل إهتمامها على هذه الموضوعات دون غيرها من الموضوعات التي أصبحت مصدر آلام للمسئولين قبل المواطنين.

من كل ما سبق، فإن مصر تحتاج وبشدة وفي أسرع وقت لوزارة دولة للذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي والاقتصاد الرقمي، تكون مهمتها الاساسية تحقيق النقلة النوعية التي وضع أسسها السيد رئيس الجمهورية للوصل بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة والي المكانة التي تستحقها مصر بين دول العالم كدولة ذات حضارة وإلى أن تكون مصر أم الدنيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار