د أحمد حسين يكتب.. الحوار الوطني والدعوة إلية… خارطة الطريق

يعد الحوار من أفضل الوسائل الموصلة إلى الإقناع وتغيير الاتجاه الذى يدفع السلوك إلى الأحسن ، لأن الحوار ترويض للنفوس على قبول النقد واحترام آراء الآخرين ، وتتجلى أهميته فى دعم النمو التفسى والتخفيف من مشاعر الكبت وتحرير النفس من الصراعات والمشاعر العدائية والمخاوف والقلق ، فأهميته تكمن فى أنه وسيلة تتيح فرصا عظيمة لإقامة علاقات اجتماعية ناجحة ويساهم تعزيز الحوار المجتمعى فى تحقيق أهداف بنائه للمجتمع، على مستوى تحقيق أهدافة ، ومواجهة التحديات المجتمعية ، ويساهم فى تحقيق الاستقرار عبر فتح المجال لتبادل الأفكار والثقافات والمعارف بين جماعات وأفراد المجتمع وهو ما نطلق عليه التفاعل المجتمعي الذى يدعم التعاون على مواجهة تحديات العصر ومشكلاته ، ويعمل على إبراز الأفكار والقيم التى من شأنها أن توفر مناخ صداقة وسلام واستبعاد لجميع مظاهر العداء فى المواقف وفى التعبير عن الآراء.
ولهذا يعتبر الحوار بين جماعات المجتمع وأفراده مهما تنوعت ثقافاتهم وتباعدت بينهم المسافات وتباينت الرؤى الفكرية ومهما جرت بينهم من خصومات وصدامات أمر حتمى ومطلب حيوى وضرورة مشتركة لخلق فرص نفع متبادلة، كما أن نشر ثقافة الحوار بين شرائح المجتمع من مهام المجتمع بكل فئاته ، والحوار يعتبروسيلة للإصلاح الداخلى فى المجتمعات، كما أنه ييسر ترابط المصالح على المدى القريب والبعيد لأنه يعمل على بناء الثقة والتوافق بين أطراف الحوار، وتزداد الثقة من خلال وضوح القيم المشتركة من خلال الحوار مما يؤدى إلى قوة الرغبة فى العمل المشترك.
وحديثتا هنا عن الحوار الوطني وأهميته المجتمعية والوطنية يأتي كنتاج للسياق المجتمعي والسياسي الحادث الآن عبر توجيه الدعوة للحوار الوطني من قبل رئيس الجمهورية في إفطار الأسرة المصرية مع أطياف المعارضة المصرية ومنطلقي هنا وحديثي ليس سوا حبا في هذا الوطن وحرصا على مصالحة في ظل تحديات داخلية وخارجية تواجهنا وتتهددنا جميعا، وبالتالي فإن أي دعوة لصالح الوطن وحماية له نحن ندعمها ونشد عليها لأننا نحب هذا الوطن ولا نبغي سواه، هدفنا الوطن لا السلطة، الحاضر والمستقبل لا مكاسب أومنافع حزبية سلطوية ، هدفنا الوطن ورٌقِية ولاشي سواه.
هذا وبالرغم أننا لم نكن جزء من هذه السلطة، ولم نكن من الداعمين لها أو المشاركين فيها، بل كنا وما زلنا معارضة سياسية وطنية حقيقية تبنى رؤى وسياسات مغايرة… فإننا مع أي دعوة وطنية تحقق المستقبل للوطن وتحمي وجوده ومنها الدعوة للحوارالوطني الذي في ضوء فهمي ومنطلقات دعوته سينتج بنية وطنية سياسية وإقتصادية وثقافية.. تواجه التحديات ووتصوب الاخفاقات وتبني مظلة وطنية تشمل الجميع.
ولكننا ونحن نثمن هذه الدعوة وندعوا إلى الاشتباك معها لا نقول هذا فى المطلق بل وفق أسس وآليات تحقق مضمونها وتلتزم بمخرجاتها وتنجزها وتنتج بنية وطنية سياسية وإقتصادية وثقافية.. حقيقية نريدها ونسعى إليها وإلى تحققها.
وانطلاقا من تلك الدعوة والاشتباك معها فلابد أن يكون لها عنوان يعبر عن مضمونها وإن أردت أن أختار عنوانًا سأختار عنوانًا أعتقد أنه سيوافق عليها الجميع سلطة ومعارضة والعنوان هو ( الجمهورية الجديدة ) بأسس وقواعد الجمهورية المدنية الديمقراطية، وبالتالي فإنه يأتي تحت هذا العنوان الرئيسي مفردات ومحاور وعناوين فرعية ننطلق منها للحوار انطلاقا من هذا العنوان ومحتوى تحققه والذي إذا اعتمدناه فإن مفادة أن ما يسمى بالجمهورية القديمة قد أصبحت غير صللحة للواقع الراهن ولالمتطلباته في ظل تحديات متنوعة ومتعددة ومتفاقمة ، وأنها قد انتهت ولم تحقق أي تقدم وأن اخفاقاتها تتزايد يوما بعد يوم وبالتالي فإن هذا يدعونا إلى بناء منظومة جديدة تخلق واقع جديد وبنية راشدة وتؤسس لجمهورية جديدة دستورية مدنية ديمقراطية، ومن هنا يكون مفردات الحوار ومحاوره التي تحققها والتي في رأيي أننا لن نبحث عنها بصعوبة ولن نخترعها فقد سبقتنا إليها أمم كثيرة نتاج تجارب وخبرات مجتمعية جعلتها تُحققها فحققت معها التقدم والحضارة والرفاة.
وبهذا تكون محاور الحوا ومنطلقاته تحت مظلة هذا العنوان : دستور حَكم ومرجع وضابط ومعبر عن كل المجتمع بتباينه وتعددده وتنوعة فيكون العنوان الفرعي كيف نؤسس لجمهورية دستورية الدستور فيها الحكم والضابط والمرجع المهيمن والحاكم والمحترم والملتزم به تعبرعن الجميع وتحمي مواطنة الجميع وتحقق مصالح الجميع ، سيادة القانون واحترامه فيكون العنوان التالي دولة سيادة القانون ، ولأننا في حوارنا هذا ننطلق من التنوعات والتباينات فى الرؤي والأفكار … ونعترف بها وبتعايشنا في ظلها فإنه يجب أن يكون المحور التالي احترم وحماية حرية الأفراد وحرية الأفكار وحقوقهم الدستورية ولهذا يجب أن يخرج كل سجناء الرأي وألا يكون هناك من الأساس سجين للرأي، وأن تُحقق كل الحقوق والحريات على كافة المستويات…. ويكون العنوان هنا دولة الحقوق والحريات .
نواجه تحديات على مستوى البنية الاقتصادية شديدة الوطأة وعلى مستوى بنية الأمن القومي على مستوى الداخل وعلى مستوى الخارج والمحيط الوجودي ومن هنا فإنه سيكون العنوان التالي بنية السياسات الاقتصادية والاجتماعية و الأمن القومي ، خلال الحقب الماضية تم افراغ البنية المجتمعية من الثقافة السياسية والمدنية.. وتم والتركيز على توظيف هيمنة قوة السلطة فقط مما أدي إلى هيمنة قوى التطرف والعنف الأيدولوجي الساسيى على أيدلوجية المجتمع وبنيته مما أوصل المجتمع لغياب الثقافة المدنية التي تعزز بنية العمل السياسي وتدعمه وبالتالي فيكون العنوان التالي : فتح المجال العام وتعزيز الثقافة المدنية وترسيخها وفتح الباب أما المجتمع ليفرز قياداته…. وبناء مجتمع مدني حقيقي وأيدلوجية مدنية وثقافية بالمجتمع وترسيخ حياة حزبية حقيقية ، وبيئة سياسية ديمقراطية ، وبنية عمل عام تحقق التداول السلمى للسلطة وتعزز من احترام العمل العام والسياسي وبنيته ، ويكون العنوان الذي يليه ويتبعه ليعزز كل هذا ويحميه دولة المؤسسات والفصل بين السلطات وتعزيز آليات الحكم الرشيد ودعم استقلال السلطة القضائية وتحقيق بنية العدالة الاجتماعية المتكاملة .
هذه خارطة طريق وبنية عمل لبناء ولتحقيق الحوار الوطني يدور حولها النقاش وحول تحققها نضيف إليها ونبني عليها شريطة أن ننطلق جميعا من أرضية السعي لبناء وطن قوي وقادر بين الأمم وأن تكون نتائج هذا الحوار معلنة وملزمة للجميع وأن نبني على هذا الإلزام مخرجات هذا الحوار وأن نحققها ونحترم تحققها .
بلادي بلادي لك حبي وفؤادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار