جمال رشدي يكتب..بناء مصر من القاع للقمة

” اعطي العيش لخبازه حتى لو حرق نصفه” المقصود من كلمات تلك الحكمة” هناك استشاريين كبار كتبوا دراسة جدوة متضمنة كل ما يخص التكلفة والميزانية وخطة العمل وسيناريوهات المكسب والخسارة والهيكل الوظيفي للعمل لهذا المخبز، وهناك مهندسين قاموا بالرسومات الهندسية والبناء وتحديد أنواع المعدات ،،، ورغم كل ذلك لم تطالب الحكمة بإسناد مهمة التشغيل اليهم ، بل طالبت وبقوة اسناد المهام الي الخباز الفني الذي يقف امام سخونة النيران، وهو من وجهة نظر المجتمع الأقل قيمة من كل المذكورين ،ولكن عمليًا هو بالفعل الأهم في تحديد نجاح استخراج رغيف طبقا للجودة المطلوبة.

نحن في مصر تسيطر ثقافة إدارية غير عملية على اختيار المسئول فنحن نختار الاستشاري او المهندس لانهما أصحاب المهنة ذات القيمة الاجتماعية ونطالبهم بالوقوف امام الفرن لاستخراج لنا رغيف الخبز، بالطبع هنا الفشل لان هذا ليس اختصاصهم ففي الغالب المخبز يحقق خسائر فادحة باستمرار.

انا كمثل معظم المصريين ابن البيئة المصرية شربت وترعرعت وما زلت أعيش داخل القرية المصرية، سافرت درست، قرأت، اطلعت، ورأيت بعمق ما بداخل مصر، وعنما كتبت دراسة باسم ” بناء مصر من القاع للقمة” كنت اجلس داخل عمق مصر بكل مشاكلها واوجاعها، فأنا الطفل الذي جاع والشاب الذي كافح والرجل الذي عمل وتعب ونجح، ومن هذا المنطق سأسطر لكم ملخص دراستي.

منذ سنوات أرسلت تلك الدراسة الي دوائر عديدة في الدولة وتقريبا معظم المسئولين في الدولة، وفي أكتوبر 2015 وصلت الدراسة الي وزير التنمية المحلية الدكتور احمد ذكي بدر، فارسل لي احد مستشارية وهو اللواء اكرم كراره للاجتماع به، وبالفعل ذهبت اليه في مكتبه بمصر الجديدة وبعد الاجتماع والاطلاع علي الدراسة ، اقر الرجل ان الدراسة تحتوي علي أفكار بناءه غير تقليدية وقرر تطبيقها في محافظتي ( المنيا ) تحت ادارتي، كتجربة أولية ومن ثم يتم تعميمها في كل مكان بمصر بعد ذلك، وطلب مني الانتظار للانتهاء من انتخابات مجلس الشعب التي كانت قائمة حينذاك، وسيرسل لي لترتيب الأوضاع ، وبالفعيل انتهت انتخابات مجلس الشعب وانتهي حلمي الذي حلمته بتطبيق تلك الدراسة علي ارض الواقع، لان كنت اري فيها حل كل مشاكل مصر والرجوع بها الي قمة مجدها اثناء إمبراطورتيها منذ الاف السنوات ، فلم يتصل بي احد وأصبحت الدراسة حبيسة ادراج المسئولين كمثل الكثير من الدراسات الأخرى.

واليكم في سطور قليلة ملخص الدراسة
1- تكوين شركة تحت مسمي ” تحيا مصر” (شبه حكومية) خارج نظام الأجور والتشغيل للقطاع العام، ذات هيكل وظيفي متنوع ومتكامل في المهام تحتوي تلك الشركة على الكثير من الخبراء والمستشارين في كل المجالات، ولديها فرع بنفس المسمى في كل محافظة ودورها هو تقديم دراسة متكامل عن كل محافظة تتضمن السلبيات (المشاكل) والايجابيات (الموارد) عن تلك المحافظة ويتم عمل ملف متكامل بذلك.
2- تقوم الشركة بطرح طلب توظيف يتضمن مسميات المحافظ وطاقم عمله في كل ارجاء المحافظة، على ان يكون هؤلاء المطلوبين توظيفهم من أبناء المحافظة ومن القاطنين بها، وللمتقدمين يتم تسليمهم الملف الكامل المعد من شركة تحيا مصر والمتضمن السلبيات والايجابيات عن تلك المحافظة، بحيث يقوم المحافظ طالب الوظيفة وفريق عمله بأعداد مشروع متضمن خطة عمل بعيدة وقريبة المدي بداخلها كيفية حل المشاكل ومواجهة السلبيات وتعظيم الإيجابيات والاستفادة منها
3- (مثال) انا من قاطنين محافظة المنيا، من إيجابيات المحافظة موارد طبيعية صناعية وزراعية متوفرة بقوة ومن السلبيات الفقر والبطالة والتطرف، والتكدس السكاني المحافظة مقسمة الي 9 مركز، يتم تحديد الظهير الصحراوي الخالي خلف او امام كل مركز والعمل على التخطيط لتوليد مدينة سكانية متكاملة تبدأ بإقامة المصانع والمشروعات المرتبطة بأنواع الموارد الطبيعية والزراعية المتوفرة في ذلك المكان، فمثلا مكان يتوفر فيه زراعة القمح والذرة والعنب والبطاطس والنباتات الطبية، والرخام والجرانيت والرمل والجير …الخ، يخطط بإقامة مشروعات صناعية وتجارية لتلك الموارد، مع إقامة مجمعات سكنية وخدمات إنسانية مثل مستشفيات ومدارس وجامعات وملاعب ومسارح ونوادي ومراكز أبحاث ومراكز تسويق …الخ مع مرور السنوات حتمًا سيتم توليد مجمعات سكانية ذات تنمية شاملة متكاملة.
4- توفير الموارد المالية لذلك المشروع سيكون عن طريق عدة محاور المحور الأول بعد إقامة البنية التحتية للمشروع يتم طرح المشروع كأسهم على ابناء ذلك المركز ويكون لأصحاب الأسهم وطبقًا لعددها الحق في تشغل أولادهم داخل تلك المشروعات، وان كانت قيمة المشروع أكبر من إمكانيات قاطنين المكان، يتم طرح دراسة المشروعات على شركات وطنية او خارجية.
5- ويذلك يتم اختيار الملف المقدم من المحافظ وطاقمه الأكثر قوة لشركة تحيا مصر لاختيار الطاقم الذي يحكم المحافظة.
6- من مميزات تلك الدراسة انها ستعمل على إقامة اقتصاد وطني شعبي متنوع صلب غير قابل للمحاربة الخارجية، ومنها سيتم حل كل مشاكل مصر من حيث التكدس السكاني والبطالة والفقر والتطرف.
7- ملحوظة. تم اقتراح إقامة شركة تحيا مصر (شبهة حكومية) لإدارة ذلك المشروع التنموي الكبير، لان مؤسسات الدولة الحالية العائمة داخل دائرة الفساد البيروقراطي لن تكون قادرة على إدارة أي مشروع تنموي غير تقليدي، تلك الشركة لا تخضع لقانون التشغيل والأجور للقطاع العام بل سيتم سن لها قانون خاص يعطيها الصلاحية الكاملة لإدارة المشروع فنيًا واداريًا بجانب ان تكون الرواتب مناسبه لان الهيكل الوظيفي للشركة سيعتمد على خبراء ومتخصصين من خارج الدولاب الإداري للدولة.

أخيرًا لم افقط الامل وما زلت انتظر اهتمام الدولة بتلك الدراسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار