محمود فهمى شلبى يكتب..ليلة سقوط سوريا وانقلاب جامعة الدول
في البداية… والبداية حقاً مع كل صباح باكر عند ذهابي إلى المدرسة أو في الصباح الباكر عادةً كل حين وآخر استمع ولو لثواني للإذاعة المصرية، سواء كان في المواصلات أو في المحلات في ساعة ( الاستفتاح ) كما هو المعتاد عند المصريين اشعر وكأني يتم جذبي أنا واذني إلى هذا الصوت ويتسلل إلى خلايا المخ التي تتجة إلى الذاكرة، فتقوم بتذكيري بجملة راسخة في عقلي ( من دمشق .. هنا القاهره ) بصوت المذيع السوري عبدالهادي البكار ومنه اتذكر الإخوة السوريين أبناء العروبة واشقاء الجمهورية العربية المتحدة
معها التمس الفخر لتوطيد الشعب المصري العلاقة مع شقيقه السوري و معها اندماج سوريا ومصر تحت اسم ( الجمهورية العربية المتحدة ) اتذكر الرئيس جمال عبدالناصر ونظيره شكري القوتلي ومعها اتذكر كتاب ذكرياتي في عهدين … للمرحوم صلاح الشاهد اتذكر قول سامي الدروبي .. سيادة الرئيس : اذا كان يسعدني ويشرفني أن أقف أمامكم مستشرفا الرجولة والبطولة ، فإنه يعز في نفسي أن تكون وقفتي هذه كأنني ما كنت في يوم مجيد .. من أيام الشموخ مواطنا جمهورية أنت رئيسها الى ان استطاع الاستعمار متحالفا مع الرجعية أن يفصم عرى الوحدة الرائدة في صباح كالح من أصباح خريف حزين كالح يقال له 28 أيلول من كلمة السفير الدكتور ” سامي الدروبي ” في 16 ابريل 1967 .. وهو يقدم أوراق اعتماده كأول سفير للجمهورية العربية السورية .. بعد الانفصال في 28 سبتمبر / أيلول 1961 … وكان السفير بليغاً ومؤثراً وكان الموقف يحفه جلال ما دونه جلال وبعد أن ألقى السفير كلمته .. سلم اوراق اعتماده الى الرئيس جمال عبد الناصر .. وتسربت الدموع الى باقى الحاضرين .. وبكى عبد الناصر رمز الشموخ فهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على علاقة مصر القوية مع الإخوة السوريين .. ولكن لحظة اين سوريا الان؟؟ وما موقف مصر منها ،، أدركت مصر مبكرًا هذه المؤامرة التى تقودها دول كبرى، وسعت منذ سنوات إلى العمل على تعزيز مصر العلاقات مع سوريا، ولم تنجرف إلى خلافات وحرب كلامية وإعلامية مع سوريا، بل سعت القاهرة، وإدراكًا من تاريخ العلاقات مع دمشق، إلى بناء علاقات سوية، فى إطار تعزيز العمق المصرى السوري، لكون دمشق هى من أهم مناطق بناء البعد الإستراتيجى المصري، بل العربي، ولم تنقطع تلك العلاقات خصوصًا مع توجه مصر إلى بناء علاقات إستراتيجية ذات أبعاد تستند إلى حماية المصالح العربية فى ظل عالم متغير وأطماع تسعى إلى تمزيق العلاقات العربية العربية.
ووقفت مصر فى كل المحافل وفى كل المواقف نحو التحذير من مختلف الأطماع الخارجية والأجنبية فى سوريا، بما ذلك ما هو قادم من الغرب وأمريكا، والعدو الصهيوني، أو من المحيط الإقليمى مثل تركيا وإيران، ودائما وأبدًا ظلت مصر تدرك جيدا أهمية دمشق فى مواجهة تحديات مشتركة سواء من هذا الإرهاب القادم من الخارج والداخل المدعوم من أموال خارجية وأجنبية، أو هذا الخطر الذى يهدد مصالح عربية مشتركة، والسعى نحو تمزيق سوريا كما حدث فى بلدان أخرى، هذا الموقف يعد استدراك جيد لأهمية وقوف مصر بجانب سوريا ولإعادة وضع مصر السيادي الحازم على البقعة العربية ولكن .. تبرز المشكلة في تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في الحقيقة لا يحتوي ميثاق جامعة الدول العربية على إجراء محدد تحت مسمى تعليق أو تجميد العضوية، لكنه نص على الطرد أو الفصل في المادة 18 منه، التي تقول إن “لمجلس الجامعة أن يعتبر أي دولة لا تقوم بواجبات هذا الميثاق منفصلة عن الجامعة، وذلك بقرار يصدره بإجماع الدول عدا الدولة المشار إليها” الا إن الجامعة بدورها الضعيف المتدني لم تقدر على القيام بأي عمل من هذا البند ولم تقدر على فعل شيء باتجاه مصر وخصوصاً بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الصهاينة في عام 1979 واكتفت بتجميد دور مصر ونقل مقرها من القاهره الى تونس ، وأيضاً لتوضيح ضعف دورها لم تقدر على مواجهة العراق بعد غزوها للكويت عام 1990 واكتفت كذلك بالتجميد بحجة ( مش عايزين نكبر الموضوع ) وعلى السير في نفس النهج قد أوقفت الجامعة مشاركة سوريا في اجتماعاتها وجمدت نشاطها في أي محفل تابع للجامعة العربية ، بالإضافة إلى دعوتها لسحب السفراء العرب من سوريا وهو بند غير موجود في اللائحة وبالتالي فالدول أعضاء الجامعة غير ملزمين بتنفيذ هذا القرار الغير موفق والمراجعة في التفاصيل والبحث في المراجع نجد أن الجمهورية العربية السورية، تُعد إحدى الدول السبع المؤسسة لها عام 1945،
إذن فهو انقلاب من عدد دول ( مُحدثة ) خططت لإندلاع الفتنة بين العرب وسوريا وأما عن مدى استعداد الدول العربية والجامعة لرجوع سوريا فينقسم الأمر إلى أمران الأول ( ترحيب ) وأما الثاني فهو ( رفض ) وأعتقد أن الأمران نتجوا عن دور الكتلة الشرقية والغربية أي ( روسيا وامريكا ) ومدى قربهم وسيطرتهم على الجامعة والدول الأعضاء وبالتالي يمكن أن نلاحظ أن الجامعة تكتب بنودها في وزارة الخارجية الأميركية وليس في القاهرة أو غيرها من العواصم العربية
وبالتالي نلاحظ كذلك أن السعودية وقطر هما الأكثر رفضاً للعودة السورية، وهما من دبروا إلى جانب تركيا الدور الأهم والأكثر تأثيراً في تنديد الأحداث، وإشعال الساحات، والتحريض على تدخل عسكري دولي لإسقاط النظام في سوريا تحت قيادة الدكتور ( بشار حافظ الأسد ) ويظهر في حقيقة الأمر أن موقف ( السعودية وقطر )معاكس تماماً لموقف ( الجزائر ومصر ولبنان والعراق ) فهم من أشد المؤيدين لرجوع سوريا إلى الجامعة العربية وفي تصريح لأحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة ” مصري الجنسية ” عندما صرّح في المؤتمر الصحفي في ختام أعمال قمة بيروت الاقتصادية في يناير 2019م بأنه لم يكن راضياً عن قرار تجميد مقعد سوريا في الجامعة التي لم يكن رئيساً لها في ذلك الوقت. هذا الموقف المصري عززه اللقاء الذي جرى بين وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ونظيره السوري، فيصل المقداد، في سبتمبر من العام الماضي، سؤال يطرحه الشعوب العربية للحكام المتخاذلين بقلمي (محمود فهمي) متى تعود سوريا كما كانت؟؟ متى تعود إلى جامعة الدول العربية ؟؟ ما مدى رضاكم عن أنفسكم .