د. أحمد رمضان طه يكتب..ما وراء كانتيلا

رأينا صورة أيلون ماسك بجوار الحسناء الإلكترونية كانتيلا، وببراءة الأطفال المعهودة فينا رحنا جميعا نشيع أن الرجل قد تزوج هذه الآلة، نظرًا لرومانسية الصورة، بل ورحنا نفكر في أمور أكثر تعقيدًا تخص هذه الزيجة المخترعة، لكن سرعان ما جاءت الموقع الإخبارية الأجنبية منقذةً لنا من هذا التوغل الذي قد يفسد براءتنا، وأكدت تلك المواقع أنه لا توجد أنثى إلكترونية حتى الآن صالحة للزواج.
لكن بخلاف هذا فالأمر برمته تحت التطوير، أعنى مجاراة الذكاء الاصطناعي للمشاعر البشرية. البعض يشكك في مدى وصول الآلة إلى دقة المشاعر البشرية وهذا الشك في محله تماما، أو على الأقل حتى الآن ذلك أن المعلومات (بصورتها النصية أو الصوتية.. إلخ) قد لا تسير في نفس اتجاه المشاعر – كالمزاح أو السخرية أو النفاق، أو الصمت، ماذا ستفعل الآلة المسكينة مع النساء اللاتي يطالبن بالفهم دون أية بيانات يمكن تحليلها أو معالجتها بالطبع هذا سيقتل أي اختراع كهذا في مهده.
ناهيك عن كوارثنا من التلميحات التي يصعب على الآلة أن تستوعب مدى تعقيداتها أو إيحاءاتها.
لكن دعنا من هذا الآن ومن الخوذة أو النظارة Vision proذات الواقع الافتراضي و التي أعلنت عنها شركة Apple والتي أيضا يعتقد البعض أنها أسلوب للتسلية أو الألعاب فقط.
لكن ما تجدر إليه الإشارة إلى أن الخواجة لا يلعب ولا يمزح معنا، حتى وأن تصدرت تطبيقات الألعاب بعض المتاجر، هناك كميات ضخمة من البيانات التي يتم معالجتها في أبحاث الفضاء والزراعة والطب و سلاسل إمدادات الغذاء، هناك أمور لا تهدأ ليل نهار – يبحثون دائما عن أماكن لتخزين البيانات ودوال أكثر براعة في معالجتها، يحاولون الوصول إلى نموذج يشبه خلايا العقل البشري بشكل تام، وقد وصلوا بالفعل إلى بعض أجزاء منه وتم استخدامه في بعض المجالات.
العالم أدرك جيدًا مدى أهمية البيانات وخطورتها، كونها سلعة مادية تباع وتشترى – سواء تم تحليلها أم لا، فلكل سوقه الخاص.
إن الـأمر يبدو للبعض لدينا حتى الآن أمرا سطحيا، أشبه باستخدام مواقع التواصل كأداة للتسلية – وإن كانت كذلك بالنسبة للكثيرين لكنها في حقيقتها تشكل سيلا عارما متدفقًا من المعلومات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتي يتم ترجمتها في نهاية الأمر إلى اقتصاديات طائلة.
في هذا المجال تحديدا رصدتُ على المستوى الشخصي نوعين من البشر يتعامل كل منهم مع التكنولوجيا بطريقة مهينة.
الأول يرى أن التقدم التكنولوجي يصيب الناس بالغباء فيجعلهم غير قادرين على العمليات الحسابية المنطقية دون استخدام الآلة، هذا وإن كان صحيحا من جانب، لكن على الجانب الآخر فإن العمل في مجال البيانات وفرزها ودمجها ومعالجتها له مميزاته من زيادة مهارات العنصر البشري في تخصصه بل وزيادة قدرته المنطقية على التفكير وهذا النوع وإن كانت نظرته تشاؤميه إلا أنه أخف ضررا من النوع الآخر وهو الفهلوي وهذا الفهلوي يعتقد أن مجالات الذكاء الاصطناعي مثل باقي المجالات التي يظن الفهلوي أنه قد أصبح خبيرا فيها في عدة أيام، وهذا النوع لا يبدأ في التعامل مع هذه التكنولوجيا من منطلق التعلم اكتساب الخبرة ولكن من منطلق الطالب الذي يستطيع أن يجمع المنهج في ليلة الامتحان، وبعد أن يقوم هذا الفهلوي بطباعة Hello world إذ به يصيح أن قد صار مبرمجا تقنيا حاسوبيا بارعا لا مثيل له. فيقوده ادعاؤه إلى فشله الخاص بل وإفشال غيره.
نحن على الصعيد البشري لا التقني – الطريق أمامنا طويل، ومتعثر – حتى يستفيق الكثيرون من ادّعاء الذكاء المفرط وينبت له ضمير يعطيه شعورا أنه يجب عليه أن يتعلم – يتعلم فقط.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار