د/ أحمد حسين يكتب… لماذا صرنا هكذا؟ لماذا لم نكن يوما سوا من العالم الثالث ..؟

عندما تجلس لتشاهد حال الدول العربية منذ الاستقلال ستجدهم دول عالم تالت رازحة فيه لا تبرحه ، تعاني من الفقر بأنواعه، والتخلف بمفرداته، والتبعية للخارج بتنوعياتها، وتسأل نفسك السؤال الجوهري : لماذا صرنا هكذا؟ والإجابة يقينا لغياب أنظمة الحكم الراشدة ولغياب الديمقراطية رغم أنهم يتغنوا بها ليل نهار في أحاديثهم وعلى دفات صفحات خدمهم وأعوانهم ؛ إلا أنها غائبة وغير موجودة.
ما هو موجود حاكم وحلقات نفاق وخنوع للسلطة كسلطة بعيدا عن مسمى صاحبها، ركوع وخنوع وكذب ونفاق للسلطة كسلطة ولا شيء سواها.
وتسأل السؤال المهم : يقينا أبناء الوطن عندما سعوا لاستقلال أوطانهم كان السبب أن حال الأوطان كان أشبه بما وصلنا إليه ونحصده، ويقينا هم كانوا يريدون مستقبل أفضل للوطن وتقدم وحضارة وهذا لا شك فيه، لأنهم غامروا بأرواحهم لتحقيق هذا الحلم ، ولكن وصلنا لأسوأ حال وأسوأ مما سبق و السؤال الأصعب: لماذا ومع أبناء الوطن لا المحتل؟! ماذاحدث؟
يقينا جمال عبد الناصر كان هو ورفاقه يريدون مستقبل أفضل ورأوا الفساد والفقر والتخلف وأرادوا تغير الوطن لحال افضل، فماذا حدث لينتهي عبد الناصر ورفاقه لحال أسوأ مما خرجوا لتغيره فساد حكم، تبعية، هزيمة مدوية وكارثية، انتهاك سافر لحريات المصريين وتولية المنافقين وأصحاب الثقة محدودي الكفاءة والفعل والمحصلة دولة من دول العالم التالت كدولة الملك بل أسوأ ، يقينا أراد القذافي الخير لوطنه فلماذا انتهى حكمه بثورة على نظام وحاكم أشد جرما وفُجرا من اللصوص والقتلة ، يقينا حزب البعث الذى شعاره أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وصدام حسين
كانوا يريدوا بناء دولة متقدمة ووحدة عربية إذا لماذا انتهى حكمه بسقطة مدوية؟ فبدل من الوحدة العربية احتل الكويت وأفلس العراق ودمرها تدميرا ذريعا.
وهكذا تلفت يميناويسارا لترى رجال كانوا يريدوا الاستقلال والتحرر والتقدم لأوطانهم وبناء دول حقيقية وانتهوا بفساد أشد ممن خرجوا عليهم، أو بأشد فُجرا من اللصوص وفي النهاية تدمرت أوطانهم، أو احتلت، أو بقيت رازحة بالعالم التالت تحت نير التخلف والفقر والتبعية والحاجة .
السؤال المحزن والمبكي : لماذا هذا حدث ؟ وكيف حدث؟
والإجابة ببساطة إنها السلطة يا سادة وغياب منظومة الحكم الراشد، وغياب الشعوب عن كونها هي من تولى وتحاسب وتُساءل، عبر نظام مؤسسي، وعبر دستور عقد بين الشعب وسلطته فيه السلطة تحت إرادة الشعوب الدستورية، نظام ديمقراطي وحكم رشيد سلطة حكم ومعارضة تنتقد وتبني برامج يبنى عليها في حلقة بناء وطني متكامل تصحح وتصور وتواجه وتعدل وتصنع المسار للمستقبل تأخذ الوطن كل يوم لوطن أرحب والمستقبل أفضل، الإجابة: إنها السلطة كل من تولاها في ظل غياب الشعوب وإرادتها، والمؤسسية ومنظومتهاالديمقراطية، والدستور ومرجعيته ، والقانون وسيادته ، والتداول السلمي للسلطة في منافسة ديمقراطية دستورية لن يكون الحاكم سوا مستبد ، ولم ولن يكون الوطن سوا عالم تالت بمفرداته الفاشلة، لا يوجد هنا وطني أو غير وطني، خير أو غير خير، عالم أو غير عالم، ثائر أو غير ثائر.. كلهم إذا استفردوا بالسلطة لن يصلوا إلا بحكمهم للاستبداد، وبأوطانهم للجحيم، فالسلطة في غياب النظام الديمقراطي، والحياة السياسية الراشدة، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين سلطات الحكم، والعقد الاجتماعي المرجعي،والقانون المنظم والضابط للجميع،والحياة الحزبية الحقيقية، والمعارضة السياسية على أرضية المساواة مع السلطة، هو بوابة السقوط لأي وطني مخلص، أو ثائر يريد التغيير، أو ناقم على الفساد ووجودة، أو حالم بوطن ومستقبل أعظم، فما بالك لو كان عكس ذلك، وبالتالي أي حاكم مهما كان وطنيا ويريد الخير والمستقبل لوطنه وترك العنان لنفسه ليستاثر بالحكم، وتغيب المعارضة في سلطته ويحضر الكذبة والمنافقين وخدم السلطة لن يصل إلا لما وصل إليه من سبقوه من صدام لعبد الناصر، ومن القذافي لبشار، ومن الحبيب بورقيبة لرفقاء الكفاح الجزائري ضد المحتل الفرنسي، ولن يتغير نتيجة حكمه قيد أنملة عما خرج لأجلة ومن أجله.
قولا واحدا السلطة المطلقة باب الهلاك للحاكم والسقوط والتدمير للأوطان.




