دكتورة كريمة الحفناوى تكتب..مسرح العرب ويوم رد الجميل
كنت على موعد يوم الجمعة الماضية الثامن من أكتوبر 2021 لقضاء سهرة فنية على مسرح جمعية مصر الجديدة التى استضافت العرض المسرحى “ديوك الحاج نعمان” الذى تقدمه فرقة المسرح الحر – مسرح العرب التى أسسها الفنان المخرج والمؤلف والممثل ياسين رياض فى أكتوبر عام 2016 وتضم مجموعة من الشباب والشابات والكبار المتميزين والموهوبين.
يطلق ياسين رياض على كل عرض من عروضه اسم فنان خالد وقدير من الفنانين الكبار الذين رحلوا عن دنيانا أو الذين يعيشون بيننا “متعهم الله بالصحة” ويلقى الضوء على مشوارهم الفنى إيماناً منه بإحياء التراث والمدارس الفنية الكبير، كما يقوم المخرج ياسين فى كل عرض بتدريب عدد من الشباب والشابات الموهوبين والذين يقفوا على خشبة المسرح لأول مرة ليقدم لنا وللساحة الفنية وجوها مبدعة تشق طريقها فى المجال الفنى. ولقد قدمت الفرقة عدة عروض منها أيوب فى زمن الضياع، ولعلكم تتذكرون، وحسن ونميمة،والعرض الحالى ديوك الحاج نعمان الذى يناقش الظلم والتحكم فى عالمنا، ويؤمن الفنان ياسين رياض أن الفن رسالة إبداعية ومجتمعية تعبر عن قضايا الناس.
وانقسمت السهرة الفنية إلى جزئين، تم فى الجزء الأول وتحت اسم “يوم رد الجميل” تكريم أسماء عدد من الفنانين والفنانات والاحتفاء بهم وبتاريخهم الفنى الرائع فى المسرح والسينما والدراما والموسيقى والغناء، أما الجزء الثانى من السهرة كان تقديم العرض المسرحى ديوك الحاج نعمان،
سأتناول فى هذا المقال الجزء الأول الخاص بتكريم الرواد، وسنفرد مقالا آخر للحديث عن العرض المسرحى.
وفى لفتة كريمة من الوفاء والتقدير تم تكريم أسماء الراحلين حسن البارودى شيخ الممثلين، وابراهيم الشامى، وتوفيق الدقن.
ومن الذين أثروا حياتنا الفنية ويحيون بيننا الفنانة شريفة ماهر والفنانة الشابة المبدعة عبير الطوخى
ومن الذين تم تكريمهم أيضا الفنان نعيم عيسى والذى أثرى المسرح والسينما بأعماله الفنية ومن أشهرها دور المعلم جميل تاجر القماش فى مسرحية ريا وسكينة، ومن أفلامه المتسول، والباشا تلميذ، ومن فينا الحرامى.
وتم تكريم الفنان القدير محمود عبد العزيز بعرض مشاهد من فيلمه الرائع الكيت كات عن رواية مالك الحزين للروائى إبراهيم أصلان ومن إخراج داوود عبد السيد، ولقد اختير فيلم الكيت كات فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية، وقدم الفنان محمود عبد العزيز واحدا من أروع أدواره وهى شخصية الشيخ حسنى الضرير والذى أثبت لنا أن “العمى” ليس عمى البصر ولكنه عمى البصيرة.
ومن الشخصيات المكرمة المؤلف والملحن والموزع الراحل الموسيقار المبدع بين أبناء جيله على اسماعيل والذى نتمتع هذه الأيام بألحانه التى الهبت مشاعرنا وحماسنا أثناء حرب أكتوبر المجيدة ومنها غنوة (رايحين رايحين شايلين فى إيدنا سلاح راجعين راجعين رافعين رايات النصر).
ولد الموسيقار على اسماعيل فى ديسمبر 1922 ورحل عن دنيانا 1974 وعمره 52 عاما، أثرى حياتنا الفنية بالألحان والتوزيع لمئات من الأغانى، بجانب وضع الموسيقى التصويرية لعدد كبير من الأفلام منها صغيرة على الحب، ومراتى مدير عام، وفيلم الأرض مع اللحن الشجى العميق المعبر لغنوة “الأرض العطشانة نرويها بدمانا”، وأفلام معبودة الجماهير، والعصفور، وبين القصرين، هذا بجانب قيادة أوركسترا فرقة رضا وتلحين أغانى فيلم أجازة نص السنة للفرقة، والتوزيع الموسيقى لعدد كبير من الأغانى منها ضحك ولعب وجد وحب، وياحبيبتى يامصر.
ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى ماقاله الأستاذ سامى نعيم عيسى الذى حضر خصيصا من الأسكندرية لتسلم جائزة والده الفنان نعيم عيسى الذى نتمنى له الشفاء حيث أكد فى كلمته على أهمية تكريم الفنانين وخاصة كلما تقدم بهم العمر وانه يعتز بهذا التكريم الشعبى الذى أدخل الفرحة على قلب والده، وأضاف أنه لابد من الاهتمام بالفنانين الذين أفنوا حياتهم فى الفن ليمتِّعونا ويشكِّلون تاريخ ووجدان الشعب ولابد من الاستعانة بهم فى تقديم الأدوار وليس تركهم بلا عمل.
لقد كتب الشاعر والكاتب الكبير فاروق جويدة (فى أهرام الثلاثاء 5 أكتوبر فى عموده اليومى هوامش حرة تحت عنوان “فنانون بلا عمل”) عن رحيل فنانين كبار وعظام ولم يستعن بهم أحد من شركات الإنتاج مما يعد تجاهلاً لنجوم كبار شكلوا وجدان هذا الشعب، فى الوقت الذى يحصل فيه النجوم الكبار فى الغرب على بطولات مطلقة وتدفع لهم شركات الإنتاج الكبرى ملايين الدولارات. وأضاف جويدة “الفنان الكبير جزء عزيز من تاريخ مصر وينبغى ألا نُفرِّط فيه أو نضعه فى مكان لايليق به ترك الفنان بلا عمل إهانة للفن والتاريخ”.
تحية للفنان ياسين رياض على تقديره لنجوم الفن من الرواد ولإيمانه بالفن كرسالة تنويرية سامية تساهم فى تحقيق حلم الإنسان فى عالم تسوده قيم التعاون والمساواة والتسامح عالم تسوده العدالة الاجتماعية خالٍ من الظلم والقهر والصراعات.