سماهر خير الله تكتب..المسؤولية الجنائية للأجهزة الذكية الذكاء الاصطناعي AI
فكرة علمية كانت تُذكر فى الروايات العلمية إلى أن أصبحت جزءًا من الواقع
لذالك كان من الضروري التعرف علي الذكاء الاصطناعي الذى أحدث هذه الطفره العالمية
ومن ثم وقبل الخوض فى تعريف الذكاء الاصطناعي نوضح التفرقة بينه وبين النظام الإلكتروني
النظام الإلكتروني
هو برنامج يتم وضعه من قبل المبرمج الذى يتحكم فى ضبط ووضع قواعد محددة يقوم البرنامج على اساسها بالقيام بأعمال معينه و أداء وظيفي معين أى هو نظام تحت إرادة وسيطرة المبرمج
ويراد بالمفهوم الثانى ( الذكاء الاصطناعي)
هو عبارة عن كتل غير حية تحركها برامج حاسوبية تعمل على المساعدة فى عملية التمكين من محاكاة الذكاء البشرى فى عملية التفكير والتعليم والتصرف وأخذ القرارات من تلقاء نفسها نتيجة لقدرتها على الربط بين المواقف وإدراك العلاقات بين الأشياء
واتخاذها لبعض من القرارات الجديدة بشكل منفرد قد أدى إلى ارتكابها جرائم جنائية دون أن يكون للإنسان أي إرادة فى تنفيذها وذلك نتيجة لاستنادها على معلوماتها وبياناتها السابقة
الأمر الذي يؤدي بنا إلى الانتباه للحد من ارتكاب آله الذكاء الاصطناعي للجريمة وذلك عن طريق وضع القواعد القانونية المناسبة والبحث في المسألة الجنائية للجرائم الناتجة عن تلك الأجهزة
ولكن يثار التساؤل حول كيفية إسناد الجريمة الجنائية للروبوت أو النظام الذكى فى حين أن المسؤولية الجنائية هى التى تحمل الشخص لجزاء عقابي لارتكابه فعلًا مجرمًا ولكى يتم معاقبة الفاعل عن جريمة جنائية ارتكبها يجب أن تتوافر لديه شروط الإسناد ومنها (مبدأ الشخصية)
فمن الناحيه الشرعية
مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية ، من المبادئ الدستورية ، وهو مقنن في شرائع السماء قبل دساتير البشر فهو من المبادئ الأساسية في الشريعة الإسلامية لقوله تعالى{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ } وقوله { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه).
أما من الناحية القانونية
المسوولية الجنائية هي النتيجة الحتمية لإسناد الفعل الإجرامي إلى فاعله من الناحيتين المادية و المعنوية، بمعنى أن الاسناد يكون لفعل اجرامي معين ونسبة هذا الفعل لفاعل معين و هذا يقتضي أن يكون هذا الشخص وقت صدور سلوكه الإجرامي متمتعا بالإدراك و الإرادة, و أن تكون هذه الإرادة حرة و مختارة. اى أنه قد فكر وقرر وعلي علم وإدراك بأن الطريق خير أو شر واختار طريق الشر فهو مستقلً بتفكيره ومسؤولً عن نتيجة تفكيره وتصرفه
وفى هذا الصدد
يقول( إستفاني )
إن المسؤولية بصفة عامة تعني تحمل نتائج أعمالنا ، وتحدد هذه المسؤولية بوضوح ودقة فى نطاق القواعد الجنائية فى الالتزام بتحمل ما يترتب عن النشاط المجرم وعند تنفيذ الحكم بالإدانة فى واجب الالتزام بتنفيذ العقوبة
( يرى ارسطو )
لكى يتم إسناد فعل مجرم للإنسان يجب أن يكون لهذا الفعل أصله الدافع فى الضمير الباطن بمعنى أن يصدر الفعل بإرادته فيكون الشخص علي وعي وإدراك بما يفعل وقدرته علي التمييز والاختيار فى الفعل الصادر منه وقدرته على أن يستقل بتقرير امورة وفقا للبواعث التى يحسها
والغاية التى يهدف إليها
وتماشيًا مع ماتم ذكره
يجب تحديد طبيعة الشىء الذي نُسند إليه المسؤولية الجنائية فهل هو شيء ام شخص
ما هى طبيعة النظام الإلكتروني الذى يقوم على أساسه الذكاء الاصطناعي فهل هو شىء ام هو شخص ..!؟
اذا أفترضنا أنه شخص فهناك مسؤولية جنائية تقع عليه
و هل من المتصور أن يكون هذا الروبوت شخصًا !؟
الشخص فى مجال القانون إما أن يكون شخصًا طبيعيًا أو أن يكون شخصًا اعتباريًا ، معنويًا ،أو قانونيًا كالمؤسسات والشركات وغيرها
إذا نظرنا إلي الروبوت فهو بطبيعة الأمر ليس شخصًا طبيعيًا
أما بالنسبة للشخصية المعنوية أو الاعتبارية قانونيًا هى مجموعة أشخاص أو مجموعة أموال تتكاتف وتتعاون أو ترصد لتحقيق غرض وهدف مشروع بموجب اكتساب الشخصية القانونية.
وبتطبيق. قواعد الشخصية المعنوية على النظام الإلكتروني نجد أنه بشكلٍ قاطع ليس شخصًا معنويًا أو اعتباريًا
ننطلق من هنا للافتراض الثاني
هل الروبوت يعد شئ..!؟
إذا اعتبرناه شئ ففى تلك الحالة يعد حارس الشىء هو المسؤول عن جميع التصرفات الناتجة عنه
فى حين أن الروبوت يستطيع أن يتخذ قرارات جديدة من تلقاء نفسه وبإرادته دون اي تدخل من قبل المبرمج المسؤول عنه وكما ذكرنا سابقًا فالروبوت استنادًا علي بياناته ومعلوماته السابقة يستطيع من خلالها التعلم والتطور بشكل تلقائي وتحديد طبيعة المواقف واتخاذ قرار فيها من تلقاء نفسه دون إرادة المبرمج بل والأكثر من ذلك فهو يستطيع معالجة نفسه بشكل تلقائي إذا حدث خلل فى أحد وظائفه
لذلك فهو قطعا ليس شئ ولا نستطيع القيام بتطبيق قواعد المسؤولية الجنائية لحارس الشىء عليه
حتي ألان لم يتم تحديد الطبيعة القانونية للذكاء الاصطناعي من كونه شئ او شخصًا فلم يكن هناك مشكلة فى فكره الاسناد اذا تم تحديد طبيعته القانونية
اذا نظرنا الى التشريعات القانونية
كما رأينا نص الماده (178) من القانون المدنى
كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما تحدثه هذه الاشياء من ضرر ، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يد له فيه ، هذا مع عدم الاخلاء بما يرد فى ذلك من أحكام خاصة .
ولكنى أبدى اعتراضي على ذلك
فالحيوان لا يستطيع فى جميع الأحوال اتخاذ القرارات التى تتناسب مع كل موقف يتعرض له وذلك بعكس الروبوت الذكي الذي يفكر ويقرر اتخاذ القرار المناسب نتيجة لخبراته السابقة وعلاوة علي ذالك ان الحيوان كائن حي حتي وان كان يفتقد الإدراك والتمييز
ومن هنا قام القانون بمعالجه المسؤوليه المدنيه ولكن عملًا بمبدا شخصية الجريمة هناك معضله في تطبيق المسؤلية الجنائية وهل معطي الاؤامر يعتبر فاعل شريك ام فاعل اصلي !؟
مازال هناك قصور في المسؤلية الجنائية
إن ماسبق من تحليل انما نستطيع تطبيقه علي الروبوت التقليدي الذى يعد من قبيل الالات الميكانيكية التى لا تستطيع الاستقلال عن الإنسان البشرى فتاخذ كافة توجيهاتها منه ومن دونه لا تستطيع التعامل والتأقلم مع العالم الخارجى ومن ثم يسأل حارسها عن أي ضرر تسببه للغير
على عكس الروبوت الذكى الذى يأخذ قراراته من تلقاء نفسه دون تدخل الإنسان البشرى فى تنفيذيها
وعلى الرغم من مساهمة الذكاء الاصطناعي فى التطوير والمساهمة فى كافة مجالات الحياة كما رأيناه قد تدخل فى نظام العدالة والتحكيم ، والسيارات الذاتية القيادة، والانظمة التنفيذية ، إلخ
إلا انه نتج عن بعض تصرفاتة جرائم جنائية على مر العصور الماضيه
في عام 2018، أصيبت إيلين هيرزبرغ بصدمة قاتلة من قبل نموذج أولي لسيارة ذاتية القيادة من شركة أوبر. وهي أول حالة مسجلة لوفاة أحد المشاة في سيارة ذاتية القيادة.
كذلك توفي عامل الصيانة الياباني كينجي أورادا في عام 1981، وذلك أثناء فحص روبوت هيدروليكي معطل في مصنع كاواساكي للصناعات الثقيلة في أكاشي.
الروبوت حدد خطأ الموظف كتهديد لمهمته ، ويحسب ذلك الطريقة الأكثر فاعلية للقضاء على التهديد هي دفع عامل في آلة المجاورة . يستخدم قوية جدا ذراع هيدروليكي ، حطم الروبوت العامل المفاجئ آلة التشغيل ، والذى تم سحقه بشكل مأساوي حتى الموت وبعد ذلك استأنفت واجباتها دون مزيد من التدخل.
وكان أورادا أول إنسان يقتل على يد إنسان آلي في اليابان ولكنه ليس الأول في العالم.
هذا ليس خيالا علميًا بل اصبحنا نواجه فئة قانونية جديدة ذات طبيعة خاصة توغلت بشكل سريع فى شتى مجالات الحياة وقد يحدث ذلك خللًا فى المجتمع ان لم يوضع تحت سيطرة القانون بالشكل الذي يجعل تدخله فى الحياة البشرية بشكل امن
وجدير بالذكر
ان القانون انعكاسً للواقع فيجب أن يكون مُلبيا لمتطلبات المجتمع لذلك يجب أن يلحق بالتطور الهائل فى الوضع الإلكتروني
وحقيقة الأمر ومن المؤسف ان دولنا العربية مازالت تشريعاتها حتى الآن لم تُجارِ التطور فى الواقع الإلكتروني فلم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد حلم يراود البعض أو ضرب من ضروب الخيال العلمى بل أصبح حقيقة واقعية تحظي بتطبيقات عده تحاكى الذكاء البشري حينًا وتتفوق عليه أحيانًا كثيرة
ومن هنا انتقل العالم من عصر المعلومات إلى عصر المعرفة وأصبح الحصول علي المعلومة فى حد ذاته ليس ذا قيمه بل الأهم هو إنتاج المعرفة
لهذا يجب تشكيل لجنه عامة تقوم بالاطلاع والرقابة على الأمن فى التطوير من الذكاء الاصطناعي وإنشاء صندوق عربي لرعاية أبحاث الذكاء الاصطناعي