عزة صبحى تكتب .. فصل بإجراءات إحترازية

فى صباح يوم كورونى مدرسى طاحن تحصنتُ بكمامتى ، أما كحولى و مناديلى المبللة تأكدتُ من و جودهما فى حقيبتى و بدأتُ أستعدُ لمعركتى للدخول من باب المدرسة ،وسط زحام أولياء الأمور من رجالٍ و سيداتٍ و أبناءٍ و بناتٍ ، فراهنتُ على كمامتى من فئة السبعة جنيهات و أمنتُ عليها منثنية على الأنفِ جيداً ثابتة ..شامخة ، و ما أن بدأتُ أخطو وسطهم حتى تناولت لكمةً من هنا و زغدةً من هناك و بوكساَ قوياَ لا أدرى من أين و لكنه رشق يمين الكمامة فأخذته و طارت على وجهى ، حتى أننى لم أستطع تحديد مكانها لأنى كنت مشغولة فى تخليص نفسى سالمةً أولاً ، و بعد تجميعى و نجاحى من العبور للمدرسة و فى فراغٍ ما وجدتُ الكمامة على جبينى يغطى جزء منها عينى اليسرى و المتبقى منها يغطى شعرى ، فاستعدلتها كى أبدو فى كامل إجراءاتى الإحترازية و بعد إنتهاء الطابور توجهتُ مع التلاميذ إلى الفصل الذى كان في كامل إجراءاته الاحترازية أيضا، بدأتُ بشرح الدرس و الذى غالبا ما يحدث فيه أمر من اثنين :

إما أن تصاب التلاميذ “بالطرش” فلا يستمعوا شيئا ” و الحمدلله” و كأن الكمامة تقوم بفلترة الكلام فتمنع نصفه من المرور فيُحبَس داخليا و تسمح للنصف الآخر فقط من الخروج منها فيصل للتلاميذ بطريقةٍ ما لا أعلمها ! و لكنى أرى رؤوسا تهتز و عيونا تتعلق بالسقف..فأطمئن و يطمئن قلبى لجودة الكمامة! أو أدخل مع الكمامة فى حربٍ شرسة طلوعا و نزولا على وجهى متراقصة مع حركة الأنف و الفم أثناء الكلام، فتكون النتيجة وصول الكمامة لمنتصف العين فأصاب بالحول ، أو يؤدى هذا لوصول الكمامة لمنتصف فتحات الأنف فأختنق ضيقا . و رغم محاولات ضبطها و شدها مع كل كلمة إلا أننى فى النهاية أضطر لقلعها أو وضعها أسفل الذقن كباقى الشعب لأن لذقنك عليك حق فوجب حمايته !

أما عندما يقف تلميذ منضبطا بإجراءاته الاحترازية كى يجيب عن سؤالٍ ما أو مسألةٍ معينة مرتديا الكمامة فيحدث أن أصاب بالصمم فلا أستمع لشئ !

فأطلب منه أن يرفع صوته فيرفعه فأسمع صوتا “مخنفا” مكتوما غير مفهوما فيضطر التلميذ أن يكشف وجهه المحجوب فجأة فيفزعنى و كأنه يقول لى “بخا” فأجد الصوت قد دوى فجأة و أصبح الخنفان فى خبر كان !
و تلميذ آخر يُنزل الكمامة قبل الكلمة ، وبعد نطقها يرفعها فإذا تكلم 5كلمات انزلها و رفعها 10مرات.
و يحدث أن يأتى تلميذ شاكيا آخر فأعطيه الإذن بالشكوى
فيشكو بكمامته قائلا :”فنخن منفن قن باندورفون من عن طنبه”
فأفكر قليلا فيما قيل فلا أفهم و بعد شكى فى جميع حواسى المندهشة ،
لا أجد سبيلا إلا لإعادة الاستماع لشكواه مرة أخرى،
فأقول : “معلش تانى بتقول إيه يا حبيبى”؟
فيقول “يا ميص خن منى الخورنتين بتاعى فخنعت خنعفبنه”
و طبعا لأن هذه هى المرة الثانية لاستماع الشكوى فكان لابد من إظهار الفهم ! و بكل قوة أبدأ بمناداة المشكو عليه لإستماع أقواله حتى يتضح الأمر
– تعالى يا حبيبى إيه رأيك فى الشكوى دى بقى ؟ سمعته؟
_ آه ياميص
-ما شاء الله فهمت يعنى؟
_ آه يا مييص
– طب قول إيه إللى حصل ؟
– “هون بيجدب يا ميص هو اللى خنفن عنفن خنقفرتن و أخد الخونيقتون بتاعى و ضنبنى”
– كدة طيب إللى هيخنفن منفن تانى أنا هضنبه ، يانه إتفضنوا مكانكم أنت و هو بسنعة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. مقالة راءعة في سخريتها . كنت أحاول التركيز لأعرف مايقول تلاميذك وقبل ذلك مايحدث لكمامتك . أعتقد أن العالم يدخل في مرحلة جديدة في نطق الكلمات بسبب الكمامة . وربما أصبح هناك أيضا تقويم زمني جديد للاحداث : ق. ك أي قبل الكمامة و ب. ك أي بعد الكمامة. كما أني أتخيل أيضا كلمات شعر مابعد الكمامة !
    مقالة راءعة ….. تحياتي لك

  2. وحدك قادر لإسعادى بتشجيعك الدائم لى ..أدام الله حياتك لى ووجودك و إبداعك يا عبقرى .. ودائما تعليقك يعطى رونقا و بريقا لكلماتى.. و سوف نفكر سويا فى شعر ما بعد الكمامة 🤣 والتقويم الذى تسببت فيه الكمامة 🙃تحياتى لك يا راقى

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار